كشف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، اليوم الأربعاء، أن روسيا سرعت من خططها لكا وصفه بعمل عسكري محتمل في أوكرانيا خلال الأسابيع الأخيرة.
وعقد بلينكن مؤتمراً صحافياً بعد انتهاء اجتماع وزراء خارجية دول حلف الشمال الأطلسي، في العاصمة اللاتفية”ريغا”.
وقال وزير الخارجية الأمريكي : “لا نعلم إن كان بوتين قرر غزو أوكرنيا لكننا نعلم أنه يجهز قواته لتصبح مستعدة حال اتخذ القرار”.
وتابع بلينكن: “أوضحنا لموسكو أنها ستعاني أثراً اقتصادياً كبيراً إن قررت غزو أوكرانيا”، وأضاف “روسيا تدرك أن أي إجراءات عدائية ستكون لها تداعيات”.
بلينكن دعا كل من موسكو وكييف إلى العودة للحوار في إطار اتفاق مينسك، لحل الخلاف بين البلدين.
من جهته قال وزير خارجية أوكرانيا أن “تحركات العسكريين الروس على الحدود تشير إلى تحرك عسكري محتمل ضد أوكرانيا”.
وقال أمين عام الناتو “الحلف وحده من يقرر موعد انضمام أوكرانيا ولا مجال لأي اعتراضات روسية”.
أسباب التوتر بين موسكو وكييف
يعود الخلاف بين الدولتين الجارتين، لأسباب عدة، منها ما هو سياسي ومنها ما هو اقتصادي اقتصادي، استراتيجي وجيواستراتيجي.
ويعزو مراقبون التحركات الروسية تجاه أوكرانيا، إلى عدم رغبتها بالاعتراف بالاستقلال الكامل لدول الاتحاد السوفيتي السابقة، و إبقائها كحدائق خلفية حفاظاً على مكانتها كقطب قوي في العالم.
أما بخصوص الدافع الاستراتيجي والجيواستراتيجي، بحسب مقال للكاتب نشأت الشوامرة فهو لما “تشكله أوكرانيا حاجزًا جغرافيًّا لروسيا ضمن استراتيجية “الدفاع الوقائي”، أي المناورة خارج الحدود القومية، فخروج أوكرانيا عن السيطرة كان بمثابة التهديد المباشر. كذلك، تعد مدينة سيفاستوبول التابعة لجزيرة القرم، الميناء الأساسي لأسطول البحر الأسود الروسي. ومن ناحية جيواستراتيجية، تعد هذه المدينة منفذ روسيا نحو المياه الدافئة، والانتقال نحو البحر الأبيض المتوسط، حيث القسم الآخر من العالم، والنفوذ الاستراتيجي على الساحة الدولية”.
ويعيد الشوامرة الدافع الاقتصادي والجيواقتصادي إلى أن أوكرانيا كانت “بمثابة الحضن الرئيسي لشبكات أنابيب نقل الغاز الروسي إلى أوروبا. بعد التوتر، اتفقت موسكو مع برلين على مد خط “نور ستريم 2” مباشرة بينهما، واتفقت مع أنقرة على خط “السيل التركي” بعد تراجع صوفيا عن الاتفاق معها جراء الضغوط الأوروبية والأميركية، التي لا تزال مُستمرة، وتخشى موسكو من مواصلة كييف وواشنطن الضغط على أوروبا لتعطيل عملية انتقال الغاز الروسي إلى هناك.”
ضم القرم
يصف جون سيمبسون محرر الشؤون الدولية في BBC عملية ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في العام 2014 بأنها “أسلس عملية غزو في التاريخ الحديث إذ انتهت قبل أن يدرك العالم الخارجي أنها قد بدأت”.
آنذاك حاولت الولايات الأمريكية برئاسة باراك أوباما التحرك لمواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا، ودعا لاجتماع لقادة مجموعة السبعة الكبار التي تضم كل من “الولايات المتحدة الامريكية ،كندا،فرنسا،بريطانيا،ألمانيا،إيطاليا واليابان”.
لكن لم يردع ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن التوقيع على قرار ضم القرم رسمياً لسيادة بلاده، الأمر الذي لم تعترف به أوكرانيا ولا الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية.
وبقيت مسألة القرم محل نقاش ونقطة خلاف بين روسيا الاتحادية ودول حلف شمال الأطلسي، في الوقت الذي بسطت فيه موسكو سيطرتها على شبه الجزيرة.
الحرب!
استمر الخلاف بين روسيا الاتحادية وأوكرانيا منذ ضم شبه جزيرة القرم حتى يومنا هذا، لكن بوتيرة أخف، قبل شهر آذار من العام الحالي، حين أعلنت صفحة وزارة الدفاع الأوكرانية باللغة العربية على موقع تويتر، إن الحرب “بدأت رسميًا الآن مرة أخرى في أوكرانيا”.
وأعلنت حينها وزارة الدفاع الأوكرانية أن القوات الروسية قصفت 20 موقعا دفاعيا للجيش الأوكراني في منطقة “دونباس” شرقي البلاد، في حين حذّرت روسيا كييف وحلف الناتو (NATO) من القيام بأي محاولة لاستعادة شبه جزيرة القرم.
و في 26 مارس/آذار المنصرم تصاعد التوتر مجددا في دونباس، عقب مقتل 4 جنود أوكرانيين وإصابة اثنين آخرين جراء إطلاق نار من قبل انفصاليين موالين لروسيا.
وتصاعد السجال بين دول حلف شمال الأطلسي وروسيا الاتحادية، لتنشر قبل أيام وسائل إعلام تقارير عن حشود روسية على الحدود الروسية الأوكرانية، حيث تتهم واشنطن موسكو بنيتها شن عملية عسكرية ضد كييف، الأمر التي تنفيه روسيا وتعتبره “دعاية مغرضة” حسب مسؤولين روس.
يذكر أن العلاقات بين كييف وموسكو تشهد توترا متصاعدا منذ نحو 7 سنوات، بسبب ضمّ روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية إلى أراضيها بطريقة غير قانونية حسب ما تقوله كييف، ودعمها الانفصاليين في دونباس، الأمر الذي تقول فيه روسيا أن الموضوع كان نتيجة لاستفتاء شعبي، وهو ما تشكك بصحته أوكرانيا ودول حلف شمال الأطلسي.