أزمة المياه في شمال شرق سوريا.. تركيا الفاعل الأكبر

نشرت مبادرة “منصة الحلول الدائمة DSP” بالتعاون مع المجلس الدنماركي للاجئين ولجنة الإنقاذ الدولية  IRCوبمساعدة مالية من البرنامج الإقليمي الأوروبي للتنمية والحماية (RDPP)، تقريراً تفصيلياً عن أزمة المياه التي يعاني منها السوريون عموماً، والسوريون شمال شرق سوريا بشكل خاص.

وبحسب التقرير فقد كانت أزمة المياه المستمرة خلال النصف الأول من عام 2021 هي المشكلة الأكثر صعوبة، التي تواجه سكان شمال شرق سوريا، الأمر الذي انعكس على الزراعة وتوليد الكهرباء في هذه المناطق.

وفقاً لإطار عمل اللجنة الدائمة المعنية بوضع الحلول الدائمة للنزاعات والكوارث الطبيعيةIASC،  يُعتبر الوصول إلى المياه الصالحة للشرب من أكثر الأسباب التي تؤثر على سكان شمال شرق سوريا.

مصادر المياه في شمال شرق سوريا:

كانت المصادر التقليدية للمياه في شمال شرق سوريا هي نهر الفرات، والخابور، والأمطار والآبار التي تسحب من المياه الجوفية.

وكانت العائلات تحصل على مياه الشرب من خلال شبكة أنابيب، أو عن طريق الشاحنات التي تنقل مياه الشرب من الآبار.

وبحسب التقرير، يعتمد 5.5 مليون شخصاً في جميع أنحاء على نهر الفرات، حيث تستخدم المياه بعد المعالجة للشرب، ولتلبية الاحتياجات الأساسية الأخرى.

في شمال شرق سوريا يُعتبر نهر الفرات مصدراً رئيسياً لمياه الشرب مع ما يصل إلى 200 محطة مياه تضخ وتعالج وتوصل مياه الشرب من النهر إلى سكان المنطقة.

كانت محطة مياه علوك التي تقع في رأس العين بالحسكة توفر المياه لما يقدر بنحو 460 ألف مقيماً في الحسكة والمناطق المحيطة بها، والتي وقعت تحت سيطرة تركيا في أعقاب عملية نبع السلام التي تحت ذريعتها تمكّنت تركيا من شنّ هجومها على المنطقة، وغزت عبرها الأراضي السورية وقامت باحتلالها.

توقفت محطة مياه علوك عن العمل أكثر من مرة ابتداءً من عام 2019، وأغلقت لفترات طويلة، الأمر الذي منع وصول المياه إلى 260 ألف شخصاً في الحسكة على الفور، وأثر على ما مجموعه مليون شخص في سوريا.

ووفقاً لتقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة في 23 حزيران / يونيو، فقد أثّر توقف محطة مياه علوك عن العمل على سكان الحسكة، وتل تمر، جنباً إلى جنب مع تضرر مائة ألف شخصاً في مخيم الهول، ومستوطنات أخرى للنازحين داخلياً.

ومن المصادر الأساسية للمياه في سوريا هي الأمطار، وعادةً تُعتبر الفترة بين يناير وأبريل من كل عام هي موسم هطول الأمطار وذوبان الجليد، الأمر الذي يُساهم في رفع مستوى المياه في الأنهار والسدود، لكنّ هطول الأمطار في عام 2021 في شمال شرق سوريا كان أقل من المتوسط وفشل في دعم مصادر المياه الرئيسية.

واجهت محافظة الحسكة تحديات وصعوبات كبيرة في إمكانية الوصول إلى مياه الشرب، واضطرت مناطق المحافظة البعيدة عن الأنهار الرئيسية إلى الاعتماد على مصادر أخرى للمياه، أقل جودة ولا تُستخدم للشرب.

ونتيجة لذلك أكملت الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا مشروعاً طارئاً لبناء آبار ولتأمين مياه صالحة للشرب لسكان الحسكة.

أما بالنسبة للمياه في سديّ تشرين والطبقة، فقد انخفض منسوبها منذ أوائل عام 2021، وتلقى سد تشرين حوالي 180 ألف متراً مكعباً من المياه، أي أقل من نصف الكمية التي يحتاجها للتشغيل، الأمر الذي يؤدي إلى إغلاق جزئي للسد، وإذا لم يرتفع مستوى المياه سيكون الإغلاق كامل.

الآثار السلبية لنقص المياه في شمال شرق سوريا

ذكر تقرير صادر عن منظمةReach  في يونيو/حزيران عام 2021 أنّ مصادر المياه ليست كافية لتلبية الاحتياجات الحالية في 71% من المجتمعات في شمال شرق سوريا.

كما أثر نقص المياه الصالحة للشرب على الوضع الصحي في مناطق شمال شرق سوريا، وخاصة في ظل أزمة كورونا التي زادت الوضع سوءاً لعدم قدرة السكان على الالتزام بغسيل اليدين والالتزام بإجراءات النظافة العامة الضرورية لكبح تفشي وباء كورونا في المنطقة.

كما يمثل نفاد مصادر المياه تهديداً كبيراً للزراعة والثروة الحيوانية في شمال شرق سوريا، وهذا ما أكده المزارعون في المنطقة، وسينعكس ذلك على توافر الحبوب الرئيسية مثل القمح لإنتاج الخبز.

كما وجدت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة في تقريرها السنوي لعام 2021، أنّ سوريا عانت من أسوأ موجة جفاف منذ 70 عاماً، وتتوقع المنظمة خسارة ما لا يقل عن 50 في المائة من المحاصيل الحقلية في سوريا، ومعظم المحاصيل في شمال شرق سوريا.

وبموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان (IHRL)، يُعتبر الحصول على مياه شرب نظيفة بأسعار ميسورة، حق أساسي من حقوق الإنسان.

تركيا تقود أزمة المياه في سوريا

وغزا الجيش التركي إشمال سوريا في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019، حيث احتل كل من سري كانيه/رأس العين وتل أبيض، وسيطرة كذلك على محطة علوك بريف سري كانيه/رأس العين.

وعلى الرغم من أنّ المحطة تعمل الآن إلا أنّها توقفت بشكل كامل منذ يناير/كانون الثاني عام 2021 عن العمل لمدة 90 يوم بسبب تركيا، وعملت أكثر من 140 يوم بنصف طاقتها.

ولم يكتف الأتراك بهذا فقط، بل قرّرت الحكومة التركية حرمان السوريين والعراقيين من حصتهم من مياه نهر الفرات، الأمر الذي أدّى إلى تراجع منسوب المياه، وبالتالي نقص المياه المتوفرة للشرب والزراعة، وتراجع معدلات توليد الطاقة الكهربائية المعتمدة على مياه السدود.

انخفض منسوب مياه نهر الفرات في سوريا ليصل إلى أدنى مستوى هذا العام، الأمر الذي يجعل 3 ملايين سورياً معرضين للخطر.

وبذلك تكون تركيا قد خرقت المعاهدة الدولية والاتفاقية التي عقدتها مع سوريا والعراق عام 1987 والتي من شأنها تقسيم مياه نهر الفرات بين البلدان الثلاثة.

الاتفاقية السورية التركية 1987

أبرمت سوريا وتركيا اتفاقية في 17 يوليو/تموز من عام 1987 تعهّد عبرها الجانب التركي بأن يوفر سنوياً ما يزيد عن 500 متراً مكعباً في الثانية من المياه إلى الجانب السوري.

إلا أن تركيا نقضت هذه الاتفاقية، معتبرة نهري دجلة والفرات نهرين عابرين، وليسا دوليين خاصة وأن المنبع من تركيا، واعتبرت أنّ لحكومتها الحق الكامل في استخدام المياه بالطريقة التي ترغب بها.

مشروع الأناضول الكبير GAP هو عبارة عن خطة مائية ضخمة وضعتها الحكومة التركية لبناء 22 سداً و 19 محطة للطاقة الكهرومائية على نهري دجلة والفرات، وهو أكبر مشروع في تاريخ الجمهورية التركية

وبحسب تقرير نشرته صحيفة الغارديان فإن “ضخامة هذا المشروع خفّض تدفق المياه إلى العراق بنسبة 80 في المائة، وفي سوريا بنسبة 40 إلى 50 في المائة”.

شارك المقال على:
مقالات ذات صلة:

تقارير وتحقيقات

آخر الأخبار

مساحة نسوية

أرشيف الاتحاد