بيلاروسيا تعيد اللاجئين السوريين إلى دمشق.. ومخابرات النظام تستجوبهم

قال موقع المونيتور، أجهزة مخابرات النظام السوري  استجوبت بعض المهاجرين العائدين إلى سوريا من بيلاروسيا، وأخذت جميع وثائق سفرهم.

ووصلت الرحلة الأولى التي أعادت مهاجرين سوريين إلى بلادهم من بيلاروسيا في الثامن من ديسمبر/كانون الأول على متن الرحلة التي كانت تديرها شركة الطيران السورية أجنحة الشام.

وأثارت عودة اللاجئين، مخاوف بشأن مصيرهم في ضوء المعلومات التي تفيد بأنّ بعضهم تمّ التحقيق معه في مطار دمشق الدولي، وفقاً لـ”المونيتور”.

وذكرت صحيفة Novaya Gazeta الروسية المشهورة، أنّ القوات المسلحة البيلاروسية أبلغت المهاجرين السوريين الذين تقطّعت بهم السبل على الحدود مع بولندا، أنّهم بحاجة لعبور الحدود إلى أوروبا في غضون ثلاثة أيّام، وإلّا سيتم ترحيلهم إلى دمشق.

وأفاد التقرير ذاته أنّ هناك 54 مهاجراً من محافظة إدلب، ستكون حياتهم في خطر إذا أُعيدوا إلى مناطق سيطرة نظام بشار الأسد، وهذا ما تدركه قوات الأمن البيلاروسية.

وألقى الاتحاد الأوروبي اللوم على رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، واتهموه بالتصعيد على الحدود البولندية البيلاروسية، كما اتهم الاتحاد الأوروبي القيادة البيلاروسية بإغراء الأشخاص الذين يطمحون بالسفر وإحضارهم إلى الحدود، ومن ثم تعذيبهم وتهديدهم بالسجن.

ضحايا شبكات تهريب المهاجرين إلى بيلاروسيا:

قال محمد جابر، وهو مواطن سوري يبلغ من العمر 28 عاماً ومقيمٌ حالياً في ألمانيا لـ “المونيتور” : “كنت في الأردن، وأعاني من أزمة مالية خانقة، عندما سمعت بأن بيلاروسيا فتحت حدودها اتصلت بشبكات التهريب التي أعرفها في تركيا، واتفقنا على أن أدفع 4000 يورو كي أحصل على تأشيرة دخول، وتذكرة طيران إلى مينسك”.

لم يتمكن جابر من تحقيق هذا الأمر بسهولة، فبعد عشرة أيام حصل على التأشيرة وسافر إلى بيلاروسيا، وأقام في فندق ضمن مينسك، لكنّ المهرب لم يتمكن من مساعدته على عبور الحدود، وبقي ليلتين منتظراً دون جدوى.

وقال جابر: “حاولت العبور، لكنّ حرس الحدود البولنديين أعادوني إلى بيلاروسيا، وبعد المشي لمسافة 15 كيلومتراً تمكنت من عبور الحدود، وأخذت سيارة وتوجهت لألمانيا، والآن اعتُرف بي كلاجئ فيها”.

وقع بعض اللاجئين السوريين ضحية عمليات احتيال للمهربين، وقال عبد العزيز عيسى وهو سوري يبلغ من العمر 30 عاماً ويقيم في تركيا لـ “المونيتور”: “كنت أحد ضحايا الاحتيال، طلب مني المهرب 2000 يورو مقابل تأشيرة دخول إلى بيلاروسيا وحجز فندق وتذكرة طيران، وبعد أن حولت المبلغ إلى اسطنبول، قمت بالاتصال به لأتفاجأ بأنه حظر رقمي”.

روى لاجئ سوري آخر معاناته في بيلاروسيا لـ”المونيتور” قائلاً: “كنت في تركيا، وصلت إلى بيلاروسيا في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، وتوجهت إلى الحدود البولندية، وكانت الظروف مأساوية للغاية”.

منع حرس الحدود محمد ومن كان معه من المهاجرين من الدخول، وكان عليهم العودة إلى بيلاروسيا ليصطدموا بالجيش البيلاروسي الذي منعهم أيضاً من دخول بيلاروسيا.

وبعد محاولات عديدة وانتظار لأيام، قرر محمد الحاج العودة إلى اسطنبول، وقال: “شاهدت هناك الظروف المأساوية التي تعانيها العائلات  السورية والعراقية وأطفالها، تمكنت من العودة إلى اسطنبول بعد أن دفعت مبالغ باهظة، فلم تسمح لنا السلطات البيلاروسية ولا التركية بالعودة، لذا أنا في تركيا بشكل غير قانوني”.

بيلاروسيا استثمرت قضية المهاجرين واللاجئين ونصبت فخاً لهم

صرّح الباحث السوري خليل مقداد لـ “المونيتور” أنّ بيلاروسيا ورئيسها هم السبب وراء تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى بيلاروسيا.

وبرأي مقداد فإنّ رئيس بيلاروسيا يحاول الانتقام من العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي في 24يونيو/حزيران على نظامه السياسي، لذا قرر جمع اللاجئين لديه كوسيلة ضغط على الاتحاد الأوروبي.

اندلعت مواجهات بين قوات الأمن البولندية وطالبي اللجوء الذين يحاولون عبور الحدود البولندية البيلاروسية، وحذّر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من أنّه سيتم فرض عقوبات جديدة على مينسك بسبب إشعال أزمة المهاجرين غير الشرعيين.

وأضاف المقداد: “بحسب شهود عيان، قام المسؤولون البيلاروسيون بتولي عملية تهريب المهاجرين غير الشرعيين من بيلاروسيا إلى ليتوانيا، التي هدّدت بفتح حدودها أمام المهاجرين باتجاه أوروبا الغربية لأنّها غير قادرة على استيعاب المزيد من اللاجئين”.

وشدد المقداد على أن ترحيل اللاجئين السوريين إلى سوريا ينطوي على مخاطر متعددة، أبرزها قتل وسجن المعارضين، إضافة إلى الابتزاز الذي سيتعرضون إليه فور وصولهم إلى سوريا.

ويرى المقداد إنّ جميع الأطراف في العالم تحاول الاستثمار في أزمة اللاجئين لتحقيق مكاسب سياسية ومادية، كما هو الحال بين روسيا وبيلاروسيا من جهة، وبين بولندا والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى.

فلا تستطيع بيلاروسيا اتخاذ قرار من تلقاء نفسها، لأنها تابعة لروسيا التي تُعتبر نظاماً حليفاً لنظام الأسد، ولن تتردد في تسليم المعارضين السوريين إلى نظام الأسد في سوريا.

فعبر جمع اللاجئين بطريقة قذرة، وتسهيل منحهم تأشيرات دخول تمكنت بيلاروسيا من استغلال اللاجئين السوريين والعراقيين وغيرهم وجمعتهم على حدودها لتهديد دول الاتحاد الأوروبي الذي اعتبر هذه العملية بمثابة ابتزاز، ورفض إدخال اللاجئين.

بدورها قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” اليوم الأربعاء أن بيلاروسيا وبولندا ارتكبتا ما أسمته “انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان” بحق طالبي اللجوء على الحدود بين البلدين.

وطالبت الحكومتين بمنع “سقوط وفيات جديدة عبر تأمين وصول إنساني منتظم للأشخاص العالقين على الحدود”.

وطالبت “هيومن راتيس ووتش” الاتحاد الأوربي ببدء “إظهار التضامن مع الضحايا على الحدود من الجانبين، الذين يعانون ويموتون”.

وأشار التقرير إلى أن “ثلاثة أشخاص اتهموا حرس الحدود البولنديين بفصل عائلاتهم بما في ذلك فصل الأهل عن أطفالهم”.

وطالبت الدولتين بوضع حد لما أسمته “تقاذف المهاجرين” والسماح لمراقبين مستقلين والصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان بالوصول إلى المناطق الحدودية التي تخضع حالياً لقيود.

شارك المقال على:
مقالات ذات صلة:

تقارير وتحقيقات

آخر الأخبار

مساحة نسوية

أرشيف الاتحاد