ألف شاب وشابة هاجروا من مدينة سلمية خلال 3 أشهر

شهدت مدينة سلمية، خلال الفترة الأخيرة موجة هجرة واسعة، انتقل بموجبها أكثر من ألف شاب وشابة من سكان المدينة إلى دول المنطقة أو باتجاه أوروبا في رحلة لجوء أصبحت خطرة مع انخفاض درجات الحرارة وحلول الشتاء.

وقال أحد أصحاب “مكاتب السفر والسياحة” (فضل عدم الكشف عن اسمه) في مدينة سلمية لـ”الاتحاد ميديا”، أن “أعداداً كبيرة من الشبان والشابات هاجروا بقصد العمل خلال الثلاثة شهور الأخيرة”.

وأكد صاحب المكتب أن “أكثر من ألف شخص من أبناء المدينة غادروا باتجاه العراق وأربيل والإمارات والسودان وليبيا”، مضيفاً أن “معظمهم من مواليد منتصف الثمانينات حتى نهاية التسعينات”.

وأشار صاحب المكتب إلى أن “موجة السفر هذه رافقتها موجة سفر أخرى عن طريق التهريب، باتجاه لبنان ومن ثم إلى روسيا أو رومانيا وبعدها إلى بيلاروسيا ثم بولندا باتجاه ألمانيا وهولندا”، مبيناً أن هذا الطريق يسلكه أغلب المطلوبين للخدمة الإلزامية بصفوف النظام”.

موجة هجرة مماثلة لعامي 2015 و 2016

تشبه عملية الهجرة التي حدثت في مدينة سلمية خلال الشهور الماضية، ما جرى خلال عامي 2015 و 2016، الذين شهدا موجة سفر واسعة شملت عائلات بأكملها من المنطقة وريفها.

حينها، لجأ سكان المدنية لبيع منازلهم أو أراضيهم الزراعية وممتلكاتهم، لتأمين ثمن رحلة اللجوء عبر تركيا ومن ثم إلى اليونان باتجاه بقية أوروبا، هرباً من العمليات العسكرية المحيطة بالمدينة وانقطاع المياه لشهور متواصلة.

أو هرباً من التهديدات الأمنية والقصف الذي يطال المدنية بشكل شبه يومي من الفصائل الموالية لتركيا بالريف الغربي للمدينة من جهة، أو من عمليات الهجوم والقصف من الريف الشرقي للمدينة الذي كانت تسيطر عليه “داعش” من جهة أخرى.

وكان للنظام دور كبير بعمليات الهجرة، بعد أن حول المدينة لنقطة عسكرية كبيرة، لتجمع قواته بسبب موقع المدينة الجغرافي في وسط سوريا، مما جعلها عرضة للقصف والهجوم بشكل شبه دائم، بالإضافة لعمليات الخطف والسلب التي طالت المدنيين من قبل ميليشياته المنتشرة بالريف القريب من المدينة والطرق الواصلة إليها.

كيف أثرت الهجرة اقتصادياً على مدينة سلمية؟

يتفق عدد من سكان المدينة أن لموجات الهجرة التي حدثت خلال السنوات الماضية آثار متناقضة، فالمدينة تفتقد اليوم للعنصر الشبابي فيها والذي يُعتبر محركاً أساسياً للعمليات الاقتصادية بشكل عام، في حين أن هؤلاء الشباب أنفسهم هم من يرفدون المدينة بأموال عن طريق الحوالات الخارجية.

وقال أحد المسؤولين الاقتصاديين في مؤسسة “الأغا خان” بمدينة سلمية لـ”الاتحاد ميديا”، أن “ضعف الحركة الاقتصادية في المدينة ليس بجديد، لكن موجات الهجرة التي حدثت زادت من ترديه”.

وأضاف المسؤول في مؤسسة “الأغا خان” الخيرية، أن “سوق المدينة يفتقر للزبون، والذي أصبح يهتم بشراء أساسياته فقط من الغذاء، أما حركة التجارة والبناء والعقارات في المدنية فهي شبه متوقفة”.

وأكد “أبو كريم” وهو أحد تجار العقارات ومتعهدي البناء في سلمية، أن “حركة تجارة العقارات شبه متوقفة هذه الأيام، بسبب عروض البيع الواسعة بغرض السفر”.

وتابع “أعداد كبيرة من الشباب ترغب بالسفر، فيضطر أهاليهم لبيع منازلهم أو قطعة أرض يمتلكونها، وبسبب كثرة العروض في السوق انخفضت سعر العقارات إلى حدود التكلفة وأحياناً إلى ما دونها، مما تسبب بتوقف عمليات البيع، لتشبع السوق بالعروض واكتفاء الراغبين بالتملك”.

وأشار “أبو كريم” إلى أنه “من المتوقع أن تكون هذا الجمود آني ولن يستمر طويلاً، فبعد وصول الشباب المسافرين إلى دول الاغتراب سيبدأ أغلبهم بالعمل وتحويل المال لأهاليهم وعودة حركة الشراء مجدداً”.

يشار إلى أن عدد سكان مدينة سلمية بلغ  186,337 نسمة وفقاً للتعداد السكاني عام 2004 الذي أجراه النظام السوري، في حين تشير إحصاءات غير رسمية أن عدد سكان المدينة تجاوز الـ 300 ألف نسمة في عام 2020.

وشاركت مدينة سلمية بالحراك السلمي عام 2011 ضد نظام الأسد، وشهدت المدينة عشرات المظاهرات السلمية قابلتها مجموعة اعتقالات وعمليات تصفية بحق الناشطين ضمن المدينة.

واستطاع النظام السوري بعد تحييد الثورة عن مسارها السلمي، فرض سيطرته العسكرية عليها بشكل كامل، وإشراك العديد من أبناء المنطقة بعملياته العسكرية عن طريق وضعهم وجهاً لوجه في مواجهة “داعش”، التي استخدمها كوسيلة لضمان السيطرة على المدينة.

شارك المقال على:
مقالات ذات صلة:

تقارير وتحقيقات

آخر الأخبار

مساحة نسوية

أرشيف الاتحاد