نشب عراك بالأيدي بين مجموعة من اللواء الثامن، التابع للفيلق الخامس المدعوم روسياً، وعناصر من حاجز للمخابرات الجوية التابعة للنظام السوري بالقرب من بلدة خربة غزالة بريف درعا الشرقي.
وقال ناشطون أن “خلافاً نشب بين حاجز فرع “المخابرات الجوية” وعناصر من “اللواء الثامن” بعد اعتراض الأول موكب لقيادي يدعى “أبو علي مصطفى” أثناء مروره من الحاجز، وطلب بطاقات مرافقيه”.
واستدعى “اللواء الثامن” المدعوم روسياً، رداً على ذلك، تعزيزات عسكرية من مدينة “بصرى الشام” شرقي درعا، لتقتحم الحاجز، وتبدأ مشادة كلامية انتهى بعراك بالأيدي وسط استمرار التوتر الأمني في المنطقة”.
فلتان أمني في درعا وهجمات مستمرة
بالرغم من خضوع درعا لعدة عمليات تسوية واتفاقات لوقف إطلاق النار، لكن لا تزال الهجمات ومحاولات الاغتيال في درعا مستمرة، وبمختلف الأشكال من عبوات ناسفة وإطلاق رصاص وتفجيرات.
وبلغت أعداد الهجمات منذ حزيران/ يونيو 2019 حتى يومنا هذا 1284 هجمة واغتيال، وفق إحصائية قدمها المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ووصل عدد الذين قُتلوا إثر تلك المحاولات خلال الفترة ذاتها إلى937 شخصاً، وهم: 4 من المسلحين المحليين الرافضين للتسويات الأخيرة، و301 مدني بينهم 18 مواطنة، و26 طفل.
بالإضافة إلى 412 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها والمتعاونين مع قوات الأمن، و158 من مقاتلي الفصائل المسلحة ممن أجروا “تسويات ومصالحات”.
كما قتل 27 مقاتلاً من المليشيات السورية التابعة لـ “حزب الله” اللبناني والقوات الإيرانية، بالإضافة إلى 36 مما يُعرف بـ “الفيلق الخامس”، الموالي لروسيا. وفق إحصائية المرصد السوري ذاتها.
من المسؤول عن هذه الهجمات؟
تتبادل أطراف عدة الاتهامات حول هذه الهجمات، والتي لم تتوقف منذ سنوات، في حين لا تعلن أي جهة عن مسؤوليتها الرسمية حول عمليات التصفية والاغتيال.
وحمّل ناشطون من مدينة درعا، مسؤولية الانفجارات وعمليات الاستهداف بالعبوات الناسفة التي تحدث داخل المدينة، لقوات النظام السوري.
وقالت شبكة “تجمع أحرار حوران” في 22 كانون الأول/ديسمبر إن “نظام الأسد يقف وراء العبوات الناسفة التي يتم زرعها في محافظة درعا بهدف تشديد القبضة الأمنية”.
وقال ناشطون أن هناك مجموعتين من أهالي درعا انقسموا بعد انتهاء “التسويات”، واحدة توالي “اللجنة المركزية” المفاوضة للنظام، وأخرى محسوبة على المجموعات التي كانت ترفض “التسوية”، وتقوم الأخيرة بعمليات الاغتيال والتصفية للعناصر الذي أجروا تلك التسويات.
ما هي تسويات درعا؟
سيطرت قوات النظام السوري بتغطية جوية من سلاح الجو الروسي، على محافظتي درعا والقنيطرة، في تموز/يوليو 2018، وفرضت “تسوية” على الراغبين بالبقاء، من أهم بنودها الإفراج عن المعتقلين، وعودة الموظفين إلى دوائرهم الحكومية، و”تسوية” أوضاع المنشقين عن الخدمة الإلزامية.
لكن الاعتقالات استمرت عقب “التسوية” الأولى، ووثق “مكتب توثيق الشهداء والمعتقلين” اعتقال قوات النظام والأفرع الأمنية ما لا يقل عن 29 شخصاً خلال تلك الفترة.
وجاءت “تسوية” أيلول/سبتمبر 2021، ولم تبسط سيطرة النظام على الجنوب، نظراً إلى الواقع الميداني وعمليات الاغتيال التي تشهدها المحافظة.
وأعلنت “اللجنة المركزية”، في مدينة درعا عن شروط الاتفاق مع النظام بضمانة روسية عبر بيان في 1 أيلول/سبتمبر.
وجاء في البيان الذي تضمّن الشروط التي جرى التوافق عليها بين وجهاء حوران و”اللجنتين المركزيتين” لريف درعا الغربي ودرعا البلد و”الفيلق الخامس” الروسي من جهة، و”اللجنة الأمنية” التابعة للنظام من جهة أخرى، بضمانة الجانب الروسي أن يتم:
“الوقف الفوري لإطلاق النار، ودخول دورية للشرطة العسكرية الروسية وتمركزها في درعا البلد، وفتح مركز لـ”تسوية” أوضاع المطلوبين وأسلحتهم، ومعاينة هوية الموجودين في درعا البلد لنفي وجود الغرباء، ونشر أربع نقاط أمنية”.
وتضمن الاتفاق الأخير “فك الطوق عن محيط مدينة درعا، وإعادة عناصر مخفر الشرطة، والبدء بإدخال الخدمات إلى درعا البلد، والعمل على إطلاق سراح المعتقلين وبيان مصير المفقودين بعد مضي خمسة أيام على تطبيق هذا الاتفاق”.
وبعد توقيع الاتفاق دخلت الشرطة العسكرية الروسية، برفقة “اللواء الثامن” و”اللجنة الأمنية”، إلى درعا البلد للبدء بتطبيق بنود الاتفاق، وانتهت عمليات تطبيق بنود التسوية في أواخر شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وأجرت قوات النظام “تسويات” لدرعا البلد، والريف الغربي والشمالي، ومعظم مناطق الريف الشرقي، إذ تبقت الزاوية الشرقية من بصرى الشام واللجاه ومحجة، ولا يزال مصير بصرى مجهولاً بـ”التسوية” وسحب السلاح.
اللجان المركزية في درعا
اُنشئت “اللجان المركزية” في درعا بعد سيطرة النظام السوري على المحافظة عام 2018 في شهر تموز/يوليو.
وشكلت اللجان من أجل عملية التفاوض على شروط “التسوية” التي ضمنتها روسيا، ما بين الفصائل المسلحة والنظام السوري.
وتُقسم “اللجان مركزية” إلى ثلاثة لجان، وهي لجنة في الريف الغربي، وأخرى في مدينة درعا (لجنة درعا البلد)، ويغلب عليها الطابع المدني، ولجنة الريف الشرقي، ويغلب عليها الطابع العسكري، والمتمثلة بمدينة بصرى الشام، التي يسيطر عليها “اللواء الثامن” التابع لـ”الفيلق الخامس” تحت قيادة “أحمد العودة”، المدعوم روسياً.
ومن أبرز ملفات التفاوض التي قامت بها “اللجان المركزية” مع روسيا والنظام السوري هي إطلاق سراح المعتقلين، وعودة النازحين إلى ديارهم، وعودة المؤسسات الحكومية إلى العمل، وتوفير الخدمات، و”تسوية” أوضاع المنشقين و”الفارين” والمتخلفين عن الخدمة العسكرية من خلال “عملية مصالحة”.
كما تفاوض “اللجان المركزية” على آلية دمج مقاتلي المعارضة في “الفيلق الخامس” المدعوم روسياً، والسماح بعودة موظفي الحكومة إلى وظائفهم.