“لا أحب هذا العمل أريد أن أتعلم”.. أطفال المهجرين في إدلب مُجبرون على جمع القمامة

تسببت الحرب المستمرة والقصف المتبادل اليومي بين قوات النظام السوري والقوات الروسية من جهة، والفصائل السورية المسلحة الموالية لتركيا من جهة أخرى، في عدم استقرار الوضع في إدلب.

وأدى عدم الاستقرار هذا إلى ارتفاع مستوى الفقر لدرجة كبيرة عند معظم الناس خاصة الذين يعيشون في مخيمات المهجرين، الأمر الذي أجبر الأطفال في تلك المخيمات على البحث عن طريقة لجمع المال، بما في ذلك جمع القمامة وبيعها.

نشرت DW اليوم تقريراً مصوراً عن معاناة أطفال المخيمات في إدلب، وكيف سلبت منهم الحرب طفولتهم وخسروا فرصتهم في التعليم وبناء مستقبل أفضل، وأُجبروا بدلاً من ذلك على بيع القمامة كي يطعمون عائلاتهم.

ومن بين الأطفال الذي شملهم التقرير، كان الطفل راكان البالغ من العمر 11 عاماً فقط، والذي يعمل ضمن مكبات النفايات لكسب أجر زهيد يتمكن من خلاله إطعام أسرته في مخيم للمهجرين شمال إدلب.

وقال راكان: “لا يحبني الناس لأنني متسخ جداً بسبب عملي، ويشعرون بأنني سأنقل لهم مرض الكورونا أو أمراضاً أخرى، لذلك يبتعد عني الجميع”.

يبحث آلاف الأطفال في إدلب كل يوم ضمن مكبات النفايات عن أي شيء قد يستطيعون بيعه ويحصلون منه على المال، بما في ذلك الأحذية، الملابس، المواد البلاستيكية، الأسلاك الكهربائية، والمواد المعدنية، والعديد منهم باتوا المعيل الرئيسي لعائلاتهم، لذا فهم يمضون أيامهم بحثاً في مكبات القمامة، بدلاً من اللعب والذهاب إلى المدرسة، بحسب التقرير.

وقال أحد الأطفال العاملين في المكبات لـDW: “لم اتعلم أي شيء على الإطلاق، فأنا لم أذهب إلى المدرسة”، وقال طفل آخر: “أرغب في العثور على عمل آخر، فأنا متعب جداً من البحث في القمامة وبات جسدي يؤلمني”.

وأشار التقرير إلى أنّ الأطفال الذين يعملون في مكبات القمامة، معرّضون بشكل دائم لخطر الإصابة بالفيروسات والجراثيم والأمراض المزمنة، ويُجبرون على تحمل الروائح الكريهة، والوقوف ساعات طويلة بحثاً عن أي شيء يستطيعون بيعه والاستفادة منه.

وقال راكان لـDW: “لا أحب أن أعمل في جمع القمامة، أرغب في الذهاب إلى المدرسة وتعلّم شيء ما، وأحلم أن أصبح معلّماً وأعلّم الأطفال الآخرين “، ولكن يبدو أنّ حلم راكان مستحيل مع المخيمات التي يعيش فيها هو ومئات الآلاف من المهجرين السوريين الذين خسروا منازلهم خلال القصف والحرب المستمرة في سوريا، والتي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة.

يعيش راكان في خيمة مع والدته، وأربعة أخوة في أحد مخيمات المهجرين في إدلب، تركوا منزلهم في إحدى قرى حلب بعد قصف النظام السوري المستمر للمنطقة التي يقيمون فيها، أما والدهم فهو معتقل في سجون الأسد.

ولا تملك عائلة راكان شيئاً سوى عمله الذي يعتبره كل يوم بمثابة تحد جديد له، وقال راكان: “هذا العمل صعب جداً بالنسبة لي، أحياناً يحاول إخوتي مساعدتي في حمل أكياس القمامة، وأحياناً يتوجب عليّ حملها بنفسي”.

لم تنته الحرب في إدلب، فسكانها يعانون من الغارات الجوية المتكررة من نظام الأسد وحلفائه من جهة، ومن هيئة تحرير الشام المسيطرة على المنطقة من جهة أخرى، وأشارت DW في تقريرها إلى أنّ الوضع هناك كارثي.

مع ارتفاع الأسعار في إدلب خلال الأشهر الأخيرة بشكل كبير جداً، يُضطر راكان لدفع نصف يورو تقريباً كي يحصل على قطعة من الخبز، مع العلم أنّه لا يتمكن من الحصول على نصف يورو خلال عمله طوال في مكبات القمامة، بحسب التقرير.

وأضاف راكان: “عليّ البحث بشكل دائم عن مكبات نفايات جديدة، فأحياناً يكون هناك أطفال أقوى مني ويقومون بضربي كي يأخذوا مكاني، فلا أتمكن من جمع أي شيء لذلك عليّ السير يومياً مسافات طويلة بحثاً عن القمامة”.

رصدت DW في تقريرها كيف يقوم الأطفال في نهاية اليوم بالتوجه إلى بائعي الخردة الذين يشترون منهم ما عثروا عليه بمبالغ زهيدة ويقومون ببيعها، وللأسف العديد من العائلات المهجرة في إدلب يعيشون اليوم بهذه الطريقة.

احتجاجات دائمة وتذمر من الغلاء في إدلب

يعتبر أهالي محافظة إدلب أن حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام هي المتسبب الرئيسي بارتفاع الأسعار والغلاء بعد فرضهم التعامل بالليرة التركية في إدلب بالقوة والغرامات مثل مناطق الاحتلال التركي بمحافظة حلب من أجل تلميع صورة هيئة تحرير الشام لدى تركيا في محاولة لضمان اعتماد الأتـراك على الهيئة كمنفذ للسياسات التركية في إدلب.

ويقول الناشط محمد الزين، وهو أحد المشاركين بالاحتجاجات للاتحاد ميديا أنه شارك بالاحتجاجات لمطالبة حكومة “الانقاذ” بإعادة النظر بسياستها الاقتصادية وخاصة موضوع اعتماد العملة التركية وموضوع ارتفاع الأسعار ومراعاة الوضع المعيشي للشعب عند اتخاذ أي قرار اقتصادي بدلاً من الأسباب السياسية والمصالح الفصائلية، على حد تعبيره.

وكانت سلطات الأمر الواقع في إدلب المتمثلة في (حكومة الإنقاذ) ومن خلفها هيئة تحرير الشام اعتمدت التعامل بالليرة التركية منذ حزيران 2020 بدلاً من الليرة السورية، ليساهم انهيار سعر صرف الليرة التركية في الفترة الحالية بتأزم الوضع المعيشي لسكان شمال غرب سوريا.

ووفقاً لتقرير صادر عن برنامج تقييم الاحتياجات الإنسانية (HNAP)، بالاشتراك مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ومجموعة “التعافي المبكر وسبل العيش” في شمال غربي سوريا، في آب/ اغسطس عام 2020، فإن 91% من العاملين في شمال غربي سوريا يقيمون في أسر تعيش في فقر “مدقع”، ما يدل على ضعف الاقتصاد المحلي، مشيرًا إلى أن 18% فقط من الرجال الذين عملوا خلال الأشهر الثلاثة التي سبقت صدور التقرير يعملون بدخل منتظم.

شارك المقال على:
مقالات ذات صلة:

تقارير وتحقيقات

آخر الأخبار

مساحة نسوية

أرشيف الاتحاد