بلغ عدد المختطفين على يد الفصائل المسلحة الموالية لتركيا بعفرين منذ احتلالها في آذار/ مارس 2018 أكثر من 8 آلاف شخص بينهم نساء وأطفال، وفق ما صرح الناطق باسم منظمة حقوق الإنسان- عفرين للاتحاد ميديا.
وقال المحامي إبراهيم شيخو أن “عمليات الاختطاف لا تزال مستمرة كونها أصبحت تجارة رائجة لدى الفصائل الموالية لتركيا، وتطلب مبالغ كبيرة كفدية للإفراج عن المعتقلين”.
وأكد “شيخو” إلى أن “المبلغ يصل في بعض الأحيان إلى عشرات الملايين بالليرة التركية، أو ما يقابلها بالدولار الأمريكي، وأن عمليات الاعتقال تتم بحجج جاهزة من قبيل التعامل مع الإدارة الذاتية أو قوات سوريا الديمقراطية سابقاً”.
وأشار إلى أن “بعض القرى أُدرج أسماء جميع أهاليها من ضمن المطلوبين، ومنها قرية معملا بناحية راجو، بتهمة الخروج في نوبات حراسة ليلية، وتم الإفراج عنهم بعد دفع مبالغ تتراوح بين 1200 و2000 ليرة تركية”.
وأضاف “شيخو” أن “انتهاكات الفصائل الموالية لتركيا تطال جميع شرائح ومكونات عفرين الاجتماعية والدينية، وكان للنساء والأطفال نصيب كبير من هذه الانتهاكات”.
ووثقت منظمة حقوق الإنسان- عفرين العشرات من الحالات التي تعرضت فيها النساء للتحرش الجنسي داخل معتقلات الفصائل الموالية لتركيا، وفق ما صرح المحامي “شيخو” للاتحاد ميديا.
مشيراً إلى انهم “تجنبوا نشر هذه الوثائق والأسماء لاعتبارات أمنية واجتماعية للضحايا وذويهن”.
وأوضح الناطق باسم منظمة حقوق الإنسان أن “المرأة في عفرين باتت أسيرة الأعمال المنزلية، بعد أن كانت رائدة في مجالات عدة كالسياسة والإعلام والمناصب الإدارية، وذلك تطبيقاً لشرائع الفصائل المحتلة لعفرين التي تعتبر صوت وصورة المرأة عورة”.
ووثقت منظمة حقوق الإنسان- عفرين إجهاض السيدة “آرين محمد دلي 25 عاماً لجنينها البالغ من العمر 6 أشهر في سجن ماراته/ معراته العائد لـ “الأمن السياسي” الموالي لتركيا.
وحدثت عملية الإجهاض نتيجة التعذيب الذي تعرضت له “آرين” المختطفة منذ 12 أيلول/ سبتمبر 2021 وحتى الآن.
التغيير الديمغرافي مستمر
شهدت مدينة عفرين والمناطق التابعة لها عمليات تغيير ديمغرافي ممنهجة من خلال تغيير التركيبة السكانية لعفرين منذ احتلالها من قبل تركيا والفصائل الموالية لها في آذار/ مارس 2018.
وحولت تركيا مدينة عفرين إلى “بؤرة استيطانية” حسب تعبير المحامي “إبراهيم شيخو”، وقال إن “تركيا قامت بتوطين 400 ألف من العرب والتركمان وعوائل فلسطينية، وتم تهجير 300 ألف من السكان الأصليين من عفرين”.
وباتت نسبة الكرد في عفرين لا تشكل أكثر من 25% بعد أن كانت أكثر من 95% في عملية لتغيير التركيبة السكانية لا تزال مستمرة، وفق منظمة حقوق الإنسان- عفرين.
وكشف “شيخو” للاتحاد ميديا “بناء أكثر من 30 مستوطنة في عفرين بتمويل من بعض دول الخليج كقطر والكويت، وتم توطين الفارين من الحرب والرافضين لعمليات التسوية مع النظام فيها “.
وناشد “شيخو” المنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية “القيام بواجبها الأخلاقي والإنساني والضغط على تركيا لسحب قواتها من الأراضي السورية عامة وعفرين بشكل خاص”.
وطالبها بـ “إعادة المهجرين وإيقاف عملية بناء المستوطنات والسماح للسكان الأصليين بالعودة لديارهم وعدم التعرض لهم”.
نهب الزيتون
وتعرضت الثروة الزراعية بعفرين لانتهاكات جسيمة من قوات الاحتلال التركي والفصائل الموالية لها خلال السنوات التي عقبت احتلالها في 2018.
وسرقت عناصر الفصائل الموالية لتركيا خلال موسم 2018-2019 أكثر من 70 ألف طن من زيت الزيتون، وفق الناطق باسم منظمة حقوق الإنسان.
وأضاف “شيخو” خلال حديثه “في موسم 2019-2020 نهبت الفصائل أكثر من 70 ألف طن، وفي عام 2021 بلغت الكمية المسروقة أكثر من 100 ألف طن من زيت الزيتون”.
وذكر “إبراهيم شيخو” أن “هذه الكميات من الزيت تم تهريبها إلى تركيا عبر بوابة قرية الحمام التي فُتحت عام 2019، ومن ثم إرسالها إلى أوربا وبيعها هناك”.
ونوه إلى أن “في عام 2019 تم تداول موضوع زيت الزيتون العفريني داخل البرلمان التركي وعدد من البرلمانات الأوربية وكيف يتم بيعه في الأسواق الإسبانية كمنتج تركي”.
وقطعت الفصائل الموالية لتركيا أكثر من 400 ألف شجرة زيتون بشكل جائر، واقتلعت أكثر 20 ألف شجرة معمرة من الجذور، وحرقت أكثر من 17 ألف شجرة، وفق ما كشف المحامي “شيخو” للاتحاد ميديا.
مضيفاً أن “هذه الفصائل تستمر بقطع الأشجار في الغابات الحراجية، وبيعها كحطب للتدفئة كتجارة باتت رائجة لدى عناصرها”.
تخريب وجرف الآثار
واستهدفت الفصائل المسلحة الموالية لتركيا منذ احتلالها عفرين في 2018 المواقع والتلال الأثرية بعفرين ونفذت أعمال تنقيب وتخريب طالت العشرات منها.
ووفق إحصائيات لجهات مختصة بالآثار هناك 75 تل، و28 موقع أثري بعفرين “تعرضت جميعها للتخريب والتجريف والسرقة”، وفق منظمة حقوق الإنسان- عفرين.
وأوضح “شيخو” أن “الفصائل الموالية لتركيا خربت وجرفت أكثر من 59 موقع أثري، و20 مزاراً للإيزيديين والمسلمين، ولا تزال هذه الأعمال مستمرة”.
وأشار إلى أن “في عام 2021 تم توسيع عمليات الحفر في معظم المواقع سواء من ناحية العمق أو المساحة المحيطة بالموقع، مثل موقع النبي هوري، وموقع مار مارون بقرية براد”.
مضيفاً أن “الفصائل حولت تل جنديرس الأثري لقاعدة عسكرية للقوات التركية، وعين دارا المدرج على لائحة الأونسكو إلى ساحة تدريب للفرقة 23 التابعة للجيش الوطني الموالي لتركيا”.
حق العودة
وحول دعوة بعض الجهات السياسية والحقوقية الأهالي بالعودة إلى عفرين، أكد المحامي إبراهيم شيخو أنهم كمنظمة حقوقية “يدعمون مبدأ حق العودة، ولكنها غير آمنة في ظل وجود الاحتلال التركي وممارسات الفصائل”.
وأضاف أن “العودة دون وجود ضمانات دولية تحفظ للأهالي ممتلكاتهم وتضمن عدم التعرض لهم من قبل الفصائل، ومحاسبة مجرمي الحرب ومرتكبي الانتهاكات، سيكون بمثابة انتحار لأهالي عفرين”.
وذكر “شيخو” أن منظمة حقوق الإنسان- عفرين “تمكنت من التواصل مع لجان التحقيق الدولية ولجان تقصي الحقائق، وأوصلت هذه الانتهاكات إليها إما كملفات أو من خلال التنسيق بين الضحايا وبين هذه اللجان”.
مؤكداً “توثيق العشرات من حالات الاغتصاب بحق النساء وغيرها من الانتهاكات داخل سجون الشرطة العسكرية وسجون الفصائل بشكل عام”.
وأشار إلى أن هذه المنظمات تقوم بنشر تقارير دورية كل 6 أشهر “واتهمت تركيا بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.