تنوعت أنماط الانتهاكات المرتكَبة بعفرين وتغيرت بتغير الزمن وتغير مراحل احتلال تركيا لها، فالبداية كانت بالعمليات العسكرية المتضمنة قصفاً عشوائياً، ثم الاعدامات الميدانية والاعتقالات، وفق ما أفاد المدير التنفيذي لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” للاتحاد ميديا.
وأضاف بسام الأحمد ” بعد انتهاء العمليات العسكرية تحولت الانتهاكات لأعمال نهب واسعة جداً، لمساكن وممتلكات المدنيين والسيطرة على مواسم الزيتون، ومن ثم إفراغ المنطقة من سكانها الأصليين عن طريق الاعتقالات والخطف، وفرض الإتاوات”.
وأشار “الأحمد” إلى أن عمليات تفريغ المنطقة حدثت على عدة دفعات، نتيجة الانتهاكات التي خلقت جواً صعباً لا يمكن لسكان عفرين تحمله.
وقال “في البداية نزح نحو 100 ألف شخصاً من المدينة نتيجة العمليات العسكرية، في حين الجزء الأكبر نزح من المدينة على دفعات صامتة”.
وأضاف “الأحمد” أن “من حاول العودة تعرض للاعتقال أو الطرد، بعد أن كانوا يرون عائلات المسلحين الموالين لتركيا مستوطنين في بيوتهم”.
أهمية الدعاوى القضائية بأوربا
ونوه “الأحمد” إلى أهمية رفع دعاوى قضائية في أوربا ضد من ارتكب الانتهاكات في عفرين، ولكن هذه المحاكم تستوجب “وجود الضحايا والمتهمين في المكان نفسه”، مستشهداً بحالة محاكمة ضابط المخابرات لدى النظام السوري “أنور رسلان”، و”علاء موسى”، حيث “المتهمين والضحايا موجودون في ألمانيا”.
وأوضح “الأحمد” كلامه للاتحاد ميديا “في حال وُجد ضباط أو عناصر ارتكبوا انتهاكات في عفرين وتواجدوا في أوروبا وبنفس الوقت يوجد ضحايا في المكان نفسه، سيكون التحرك سهلاً”.
ولفت المدير التنفيذي لـ “سورين من أجل الحقيقة والعدالة” إلى أن “الدعاوى في أوربا تحتاج إلى قرار سياسي”. مشيراً إلى أن “قضية عفرين لم تأخذ حقها من موضوع توثيق الانتهاكات التي تعرض لها سكانها”.
وكشف “الأحمد” أن “الكثير من الجهات المحلية والدولية والإقليمية لا توثق أي قضية متعلقة بعفرين وتتجاهلها، لأن هذه قضية سياسية تتعلق بتركيا، وهنا عمليات التوثيق بعفرين تحتاج قراراً سياسياً.
شروط وأهمية التوثيق
تستوجب عمليات التوثيق وجود فرق محلية ضمن منطقة عفرين نفسها، إضافة لجمعيات للضحايا، وفق “بسام الأحمد”، مؤكداً إمكانية “العمل باحترافية لتوثيق الانتهاكات” من قبل أهالي عفرين.
ورغم أهمية جمع المعلومات واستخدام الإعلام، إلا أنها غير كافية لعمليات الملاحقة القانونية، وفق ما ذكر المدير التنفيذي لـ “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”.
وأشار “الأحمد” إلى أن “الأمور القانونية تحتاج إلى التعمق، وأدلة أوسع، وجهد أكبر”، مضيفاً أن “الجزء الأكبر من عمليات التوثيق يعتمد على أهل عفرين، فهم الضحايا وهم الأكثر علماً بما يحدث في مناطقهم”.
وأكد “الأحمد” على أهمية عمليات التوثيق، واعتبرها نقطة أساسية لأي “عملية انتقال سياسي مستقبلية، سواء بعد سنة أو عدة سنوات”، مشيراً إلى أن أي محكمة أو لجان لا يمكنها القيام بأي شيء في حال “عدم وجود أدلة توثّق ما حدث”، وأن “سكان عفرين سيخسرون قضيتهم مرتين، الأولى عندما حصل الانتهاك بحقهم، والثانية بعدم وجود دليل يثبت حدوث الانتهاك وعدم إمكانية تعويضهم”.
توثيق الانتهاكات
“سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” منظمة سورية تضم باحثين ومتطوعين وتعمل على “الكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان التي تُرتكب في سوريا”.
ووثّقت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة اعتقال 584 شخصاً بمنطقة عفرين خلال عام 2021 بينهم 46 امرأة، و16 طفلاً وطفلة، وذلك في تقرير نشرته في 11 الشهر الجاري.
وكشف التقرير عن “إطلاق سراح 123 شخصاً من مجموع عدد المعتقلين/ات وتسجيل حالة وفاة واحدة على الأقل في مركز احتجاز تديره فصائل سورية معارضة مدعومة من تركيا”.
وأشار التقرير أن “الإحصائية تشمل الذين تم احتجازهم لأسباب سياسية، منها أحياناً لكونهم كرد، أو رغبة الخاطفين في الابتزاز وتحصيل فدية مالية، أو بغرض ترهيبهم السكان الأصليين ودفعهم إلى مغادرة المنطقة”.
وتقوم “سوريون” بإرسال جميع الوثائق للحكومات والمنظمات الدولية والهيئات الأممية ولجان التحقيق ووسائل الإعلام للاستفادة منها في عمليات المساءلة إن حصلت، وفق ما أفاد المدير التنفيذي لـ “سوريون” بسام الأحمد للاتحاد ميديا.
ونوه التقرير أن “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة لم تستطع الحصول على معلومات حول مصير 451 من المعتقلين الذين وثقتهم خلال عام 2021 والتحقق منها بالاسم والكنية ومكان وزمان الاعتقال”.
وأشار التقرير إلى أن “الرقم 584 يشمل فقط الأشخاص الذين تم تحويلهم إلى أماكن احتجاز أخرى تابعة لأجهزة أمنية أخرى مثل الشرطة العسكرية، وذلك قبل اعتقالهم من قبل فصائل المعارضة السورية المسلحة التي تمتلك السيطرة الفعلية على القرى والبلدات”.
وأوضح تقرير “سوريون” أنها “لا تمتلك معلومات كافية عن أعداد المحتجزين/ات في مراكز الاحتجاز السرية التابعة للفصائل المسلحة”. منوهة أن “العدد الفعلي لحالات الاعتقال هي أكثر بكثير من الرقم الوارد في تقريرها”.