اعتقلت أجهزة مخابرات النظام السوري، مجموعة من العاملين بإيصال التبرعات والمساعدات الإنسانية، في مناطق عدة تقع تحت سيطرة النظام السوري.
وعَلِمت “الاتحاد ميديا” عن طريق مصادر محلية أن مخابرات النظام استدعت مجموعة من المدنيين في محافظات دمشق وحلب وحمص وحماة، للتحقيق معهم بشأن الحوالات الخارجية التي تصلهم شهرياً.
وقالت المصادر أن قوات النظام أطلقت سراح بعضهم بعد ساعات، واحتفظت بقسم آخر حتى الآن، على ذمة التحقيق، وخاصة الأشخاص ممن يمتلكون صفحات إنسانية على وسائل التواصل الاجتماعي، وينشرون عليها نداءات أو حالات إنسانية للمساعدة.
وقال أحد المعتقلين (منير، اسم مستعار) ممن أطلق سراحهم بعد أيام، لـ “الاتحاد ميديا”، أن “فرع أمن الدولة طلب منه مراجعة الفرع دون يفصح عن السبب، وقام “منير” بالذهاب إلى هناك لمعرفته أن “سجله الأمني نظيف”، ليتفاجأ بالاحتفاظ به والتحقيق معه “بتهم تتعلق بتمويل الإرهاب وزعزعة أمن الدولة”.
وتابع “منير” أن خلال التحقيق معه تكشف فورياً بالنسبة للمحققين أنه غير متورط بمثل هذه التهم، وخاصة أن محادثات “الواتساب” و”الفيسبوك” تظهر أسماء الذين تلقوا المساعدات وأرقامهم والمبالغ المرسلة لهم من قبل متبرعين في المغتربات.
وأضاف “منير” أن المحققين تواصلوا مع بعض المستفيدين من هذه التبرعات واستدعوا بعضاً آخر منهم للتحقيق، وبعد التأكد من صحة كلامه أطلقوا سراحه وطلبوا منه إيقاف العمل بإيصال المساعدات الخارجية بعد توقيعه تعهداً بذلك.
الحوالات والمساعدات الخارجية
يعتمد نحو 70% من سكان مناطق سيطرة النظام في معيشتهم على المساعدات والحوالات الخارجية، وفق دراسة لموقع “الاقتصادي” نشرها مطلع عم 2021.
ويلاحق النظام السوري هذه المساعدات والحوالات ويعتقل أصحابها والمستفيدين منها، بحجج تمويل الإرهاب وضرر الاقتصاد الوطني.
وخاصة أنها تسلم بسعر صرف السوق السوداء (3600 ليرة للدولار بتاريخ 22 كانون الأول/ديسمبر) الذي يتجاوز سعر صرف سوريا المركزي بأكثر من 1000 ليرة للدولار الواحد.
وأفاد تقرير صادر عن الأمم المتحدة في 17ديسمبر/ كانون الأول الماضي أنّ “12.4 مليون شخصاً يعانون من انعدام الأمن الغذائي، و90% يعيشون في فقر، في سوريا”.
ووفقاً للتقرير فإن “أسباب انعدام الأمن الغذائي تعود إلى الأزمة الاقتصادية، وخسارة السوريين وظائفهم نتيجة تفشي فيروس كورونا، وارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير جداً”.
وقال ممثل برنامج الأغذية العالمي في سوريا “شون أوبراين” في التقرير، “استنفذ السوريون جميع مدخراتهم بعد عشر سنوات من الصراع.
وتابع “أوبراين”، “أصبح شراء الخبز والأرز والعدس والزيت والسكر يكلف أضعاف متوسط الرواتب في سوريا، مما تسبب بدفع المزيد من السوريين يومياً إلى الجوع والفقر، وجهلهم يواجهون خيارات أكثر صعوبة”.
وأضاف “أوبراين” أنّ “في حال استمرت الليرة السورية بالانهيار فسيواجه السوريون مجاعة حقيقية بسبب التأثير الذي سيحصل على أسعار السلع الأساسية، وهذا ما سيجعل الكثير من العائلات السورية غير قادرة على البقاء حيةً بدون المساعدة المستمرة”.
وتحتل سوريا المرتبة 101 من أصل 113 دولة على قائمة مؤشر الأمن الغذائي لعام 2021، وفقاً لتقرير أصدرته مجلة British Economist magazine .
احتكار المساعدات
يعمل النظام السوري على احتكار قطاع المساعدات المالية والغذائية عبر مؤسسات تابعة له، كجمعية “الأمانة السورية للتنمية أو جمعية العرين الخيرية (البستان سابقاً)، وذلك لأسباب عدة، منها “عمليات تبييض الأموال لعائلة الأسد، وتبييض أعمال النظام أمام المجتمع الدولي.
كما يقوم مبدأ توزيع المساعدات والإعانات المالية على أساس المحسوبية والواسطة، حيث يقوم المشرفون ممن عينهم النظام السوري بمراكز إدارية هامة ضمن هذه الجمعيات بتوزيع المساعدات وفقاً لأهوائهم الشخصية أو لأقربائهم وحتى للموظفين أنفسهم.
وتقدم “الأمانة السورية للتنمية” التي تمتلكها زوجة رئيس النظام السوري، أسماء الأسد، نفسها على أنها “تعمل على إعادة إحياء وتأهيل المقاصد الأثرية والتراث الأثري المادي، كما تصف نفسها بأنها “منظمة غير ربحية وغير حكومية، تعمل من أجل تمكين المجتمعات والأفراد، إضافة إلى إشراكهم في الأعمال التنموية ليتمكنوا من أداء دورهم في بناء المجتمع”.
وسيطرت أسماء الأسد على “جمعية البستان الخيرية” التي كان يديرها “رامي مخلوف”، وغيرت اسمها رسمياً إلى “مؤسسة العرين الخيرية”.
وأصدرت “جمعية البستان”، فِي عام 2020 أيار/مايو، بياناً أعلنت فيه أنها تعمل تحت إشراف ومتابعة رأس النظام “بشار الأسد”.