نشرت الأمم المتحدة تقريراً جديداً، يبيّن ظروف اللاجئين السوريين في لبنان خلال العام الماضي، من عدة جوانب (قانونية ومعيشية واقتصادية وصحية وغيرها)،
وجاء في التقرير أن “وضع اللاجئين السوريين في لبنان مستمر بالتدهور، إذ لا تستطيع 9 من 10 عائلات سورية تحمل تكاليف السلع الأساسية للعيش هناك”.
وامتهن عدد من السوريين “التسول” أو قاموا باقتراض المال للبقاء على قيد الحياة، وتوقف بعضهم عن إرسال أولادهم إلى المدرسة، وامتنعوا عن دفع إيجارات منازلهم” وفقاً للتقرير.
ولا يزال أفراد الأسر السورية اللاجئين في لبنان يعتمدون بشدة على المساعدات، حيث تولى في عام 2021 تولى المزيد منهم وظائف ذات رواتب منخفضة أو وظائف عالية الخطورة.
وخلص التقرير بعدة نتائج بعد استطلاعه لأكثر من 5 آلاف أسرة سورية لاجئة بمختلف مناطق لبنان، مبيناً “أن هناك انخفاضاً مستمراً في معدل اللاجئين الحاصلين على الإقامة القانونية، حيث لا يتجاوز 16٪ من الأفراد الذين تبلغ أعمارهم 15 عاماً، بالرغم من أن معظم الأطفال السوريين المولودين في لبنان لديهم الحد الأدنى من وثائق الولادة الصادرة عن شهادة الطبيب أو القابلة بمعدل 98٪، لكن 31٪ فقط من الأطفال سجلوا في سجلات الأجانب”.
وبيّن التقرير أن أكثر من نصف الأطفال (56%) الذين تتراوح أعمارهم بين 1 و 14 عاماً تعرضوا لشكل من أشكال الاعتداء الجسدي أو النفسي على الأقل، وهو ما اعتبره التقرير مصدر قلق حقيقي من ناحية حماية الأطفال السوريين اللاجئين.
وتضاعفت ظاهرة عمالة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاماً منذ عام 2019، لتصل إلى 5% في عام 2021.
ووفقاً للتقرير، امتد العنف ضد المراهقين إلى زواج الفتيات في سن مبكرة، إذ كانت واحدة من كل خمس مراهقات (عمرها بين 15 و19 عاماً) متزوجة خلال فترة حدوث المسح الأممي عام 2021 للمخيمات.
معايير غير إنسانية
ويعيش حوالي 57% من عائلات اللاجئين السوريين في ملاجئ مكتظة أو ملاجئ معرضة لخطر الانهيار،
وهو ما وصفه التقرير أنها ظروف أقل من المعايير الإنسانية.
وتعيش (69%) من العائلات في مبانٍ سكنية، و22% منهم في ملاجئ غير دائمة، و9% في مبانٍ غير سكنية.
وزادت تكاليف الإيجار الشهري لجميع أنواع الملاجئ مجتمعة بنسبة 18%، لتصل إلى متوسط 312.798 ليرة لبنانية على المستوى الوطني، مقابل 264.000 ليرة لبنانية في 2020.
ويعاني اللاجئون السورين من ضعف اقتصادي شديد، إذ أثر التضخم الاقتصادي منذ 2019 بشكل كبير على قدرتهم على تحمل الاحتياجات الأساسية، وارتفعت مستويات الدين خلال عام 2021 بمقدار 1.8 مرة مقارنة بالعام 2020.
استراتيجيات التأقلم وانعدام الأمن الغذائي
واجهت 94% من أسر اللاجئين السوريين خلال عام 2021 تحديات صعبة للحصول على الغذاء واضطروا إلى اتباع استراتيجيات التأقلم لإدارة نقص الغذاء الحاصل لديهم.
وكشف التقرير أن أبرز استراتيجيات المواجهة تطبيقاً كانت تحصيل ديون جديدة (92%)، وشراء الغذاء بالائتمان (75%)، وتقليص نفقات الصحة (54%) والتعليم (29%)، في حين صلت نسبة العائلات التي باعت سلعاً وأنفقت مدخراتها إلى 25%.
ووصلت نسبة العائلات التي أبلغت عن اضطرارها لسحب أطفالها من المدرسة أو إرسال أطفالها إلى العمل 7%.
وتعاني حوالي 46% من عائلات اللاجئين السوريين من انعدام الأمن الغذائي بشكل معتدل، في حين تعاني 3% منهم من انعدام الأمن الغذائي الشديد.
الرعاية الصحية والتعليم
وكشف تقرير الأمم المتحدة أن ربع الأطفال دون سن الثانية يعانون من مرض واحد على الأقل، وحوالي (60%) منهم يعانون من الإسهال، و (56%) من السعال، وجاءت هذه النسبة بزيادة عن عام 2020 بمقدار 23 نقطة مئوية.
أما بما يتعلق بالوصول إلى الأدوية فقال نصف الأشخاص الذين خضعوا للاستطلاع، بأنهم قادرون على الوصول إلى جميع الأدوية التي يحتاجون إليها.
وأظهر الاستطلاع أن هناك زيادة واضحة في المعرفة بكيفية الوصول إلى الرعاية الصحية لفيروس كورونا مقارنة بالعام السابق، لدى اللاجئين.
واضطر الآلاف من الأطفال والشباب للبقاء في المنزل، بسبب وباء كورونا وإغلاق المدارس، ما تسبب بتدهور الوضع التعليمي منذ عام 2020، وانخفضت نسبة الالتحاق بالمدارس الابتدائية بنسبة 14 نقطة مئوية، إذ وصلت إلى 53% بالنسبة للأطفال في 2020/2021.
وأرجع التقرير أسباب عدم حضور الأطفال اللاجئين للعام الدراسي 2020-2021، إلى تكاليف المواد التعليمية والمواصلات.
أما بالنسبة إلى الشباب، فكانت تكاليف التعليم أبرز الأسباب لعدم ذهابهم إلى المدرسة، إلى جانب أسباب أخرى مثل الزواج أو العمل، حيث حُرِم 7 من كل 10 شباب من فرصة التعليم أو التدريب.
شح المياه والنظافة
وشرح التقرير الأممي أن هناك ندرة في وجود المياه الصالحة للشرب أو الاستخدام المنزلي، وعدم وجود شبكات صرف صحي مناسبة، مع تفاوت الظروف اعتماداً على نوع المأوى.
وبلغت نسبة أفراد العائلة ممن يستطيعون الوصول إلى مصدر مياه شرب محسّن (89%)، وبقيت المياه المعدنية المعبأة المصدر الرئيسي لمياه الشرب بنسبة 38%.
ونقل التقرير عن 48% من الأسر أنهم يدفعون مقابل الحصول على مياه الشرب، وينفقون ما معدله 63.505 ليرة لبنانية شهرياً ثمن المياه.
وبلغت نسبة أفراد الأسرة الذين لديهم إمكانية الوصول إلى مرافق الصرف الصحي المحسنة (91%)، وهي نسبة مماثلة للسنوات الماضية.