تفتقد مدارس النظام الحكومية للكثير من المقومات التربوية والصحية واللوجستية، وبالرغم من ذلك لا يزال النظام السوري يتباهى بفكرة “مجانية التعليم” ضمن تلك المدارس، وهي من الأفكار “الوهمية والكاذبة” التي يقدمها النظام السوري، وفقاً لما يقول الأهالي.
ويعاني طلاب المدارس الحكومية في مناطق سيطرة النظام السوري، من غياب وسائل التدفئة ووسائل الحماية الصحية، واكتظاظ الصفوف التعليمية بشكل كبير.
ويقول “نصر” وهو أب لطفلين الأول في المرحلة الإعدادية والثاني في المرحلة الابتدائية، لـ”الاتحاد ميديا”، أن “فكرة مجانية التعليم التي يروج لها النظام بشكل مستمر هي فكرة كاذبة، ولا وجود فعلي لها على أرض الواقع”.
ويشرح “نصر”، قائلاً “يمكن القول إن التعليم مجاني في حال لم يضطر الطالب وأهله لدفع أي ليرة سورية، مقابل الحصول على حقه في التعليم، وهذا ما لا يحدث أبداً ضمن المدارس السورية حيث تصل تكلفة تجهيز الطالب الواحد للعام الدراسي مئات ألوف الليرات سنوياً”.
ويتابع والد الطفلين “كلفني كل طفل من أولادي ما يقارب 300 ألف ليرة سورية أي حوالي 100 دولار أميركي، مقابل شراء القرطاسية والكتب والدفاتر والحقيبة المدرسية، واللباس المدرسي لكل منهما”.
ويؤكد “نصر” أن “المبلغ العام تجاوز 600 ألف ليرة سورية بالرغم من أنه لم يحضر كل متطلبات أولاده، وهذا المبلغ يقدر ب 6 أضعاف مرتبه الشهري البالغ 98 ألف ليرة سورية (27 دولار تقريباً)”.
ويضيف ساخراً “التعليم في المدارس الحكومية مجاني بالفعل، وغير مكلف إلا بعض مئات الألوف التي نحتاج شهوراً طويلةً لجمعها”.
وطالب عدد من أهالي طلاب المدارس في مناطق سيطرة النظام السوري، بتمديد العطلة الانتصافية، التي ستنتهي بتاريخ ٢٧ كانون الثاني /يناير ٢٠٢٢، وذلك بسبب درجات الحرارة المتدنية وغياب وسائل التدفئة ضمن القاعات الدراسية.
وقال أحد الأهالي من سكان حمص، لـ”الاتحاد ميديا” أن “درجات الحرارة لا تزال متدنية ويصعب على الأطفال تحملها، وخاصة بظل غياب وسائل التدفئة والكهرباء عن المدارس”.
أسعار خيالية
بلغت أسعار القرطاسية والتجهيزات المدرسية والثياب (الموحدة) حدوداً وصفها الأهالي بـ”الخيالية”، إذ تضاعف ثمنها عن العام الماضي بشكل كبير، وفقاً لأهالي الطالب.
يمتلك “شادي” مكتبة في منطقة “الحلبوني” في دمشق، ويقصده مئات الزبائن بداية كل عام دراسي بسبب أسعاره التي يجدها “مقبولة” وفقاً لوصفه. لكن هذا العام انخفض عدد الزبائن بشكل ملحوظ، واقتصر شراء البعض على “الضروريات” فقط.
ويقول صاحب المكتبة لـ”الاتحاد ميديا”، أن “أغلب الزبائن هذا العام اشترت حاجاتها بالقطعة أو القطعتين فقط، بينما كانت تشتري علباً كاملة من الأقلام مثلاً”.
كما استغنى عدد من الأهالي عن “دفاتر الرسم وعلب الألوان أو مزيل الحبر”، ولجأ بعضهم لشراء دفاتر كبيرة الحجم لدمج عدة مواد تعليمية مع بعضها البعض، وفقاً لـ “شادي”.
ويتراوح سعر الدفتر الواحد بين 1500 حتى 5 آلاف ليرة سورية، (بين 0.5 حتى 1.5 دولار أميركي) وفقاً لحجمه وجودته ونوعه وعدد صفحاته.
أما سعر قلم الحبر العادي فوصل سعره إلى ألف ليرة سورية، بينما وصل سعر قلم الرصاص (الكبس) إلى أكثر من 2000 ليرة للقلم الواحد.
وتراوح ثمن الثياب المدرسية الموحدة للمرحلة الابتدائية بين 10 آلاف ليرة و 15 ألف ليرة سورية، (3 حتى 5 دولار أميركي)، وفقاً لما قال صاحب المكتبة “شادي”.
بينما تراوح سعر “البدلة” المدرسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية (بنطال وقميص وجاكيت)، بين 60 ألف و 75 ألف ليرة سورية، (17 حتى 22 دولار أميركي)، بينما وصل سعر الحقيبة المدرسية إلى أكثر من 35 ألف ليرة سورية (10 دولار أميركي تقريباً).
أكثر من 2.4 مليون طفل سوري غير ملتحقين بالمدارس
نشرت “اليونيسف” تقريراً في 24 كانون الثاني/يناير 2021، جاء فيه أنه يوجد في سوريا أكثر من 2.4 مليون طفل غير الملتحقين بالمدرسة، منهم 40 %تقريبًا من الفتيات.
أما الأطفال القادرون على الالتحاق بالمدارس، فإنهم يتعلمون في الغالب في صفوف دراسية مكتظة، وفي مبانٍ لا تحتوي على ما يكفي من المياه ومرافق الصرف الصحي والكهرباء والتدفئة أو التهوية، وفقاً لتقرير “اليونيسف”
وأكد تقرير “اليونيسف” أن “حوالي 700 هجوم وقع على منشآت التعليم وطواقم التعليم في سوريا منذ بدء التحقق من الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال”.
وزعمت وكالة أنباء النظام “سانا” أن “أكثر من 3.6 ملايين طالب وتلميذ من مختلف المراحل التعليمية توجهوا إلى مدراسهم يرافقهم نحو 300 ألف مدرس ومعلم للعام الدراسي 2021-2022”.
وقال وزير التربية في حكومة النظام السوري، “دارم طباع” العام الماضي، أن “إجمالي عدد المدارس في سورية بلغ 13.115 مدرسة وعدد المباني المدرسية الحكومية المتضررة جزئياً ولكنها مستخدمة 11.390 مدرسة”.
في حين بلغ عدد المدارس المتضررة جزئياً ولكنها غير مستخدمة 1.218 وعدد المباني المدمرة 459 والمدارس المستخدمة لأغراض غير تعليمية (إقامة) 26 مدرسة، وفق رواية وزير تربية النظام السوري
ويشبه تصميم المدارس الحكومية تصميم مباني السجون من ناحية ارتفاع أسوارها ولونها البني، وأبوابها الحديدة، ونوافذها المحاطة بشبكات من الأسلاك، وافتقارها للمساحات المفتوحة والخضراء.
وقال أحد الأخصائيين النفسيين (فضل عدم الكشف عن اسمه)، في تقرير سابق لـ”الاتحاد ميديا”، أن “تصميم هذه المدارس على هذا الشكل أمر متقصد، وهو تصميم شبيه بالتصاميم “السوفييتية الاشتراكية” غايته تدجين الأشخاص منذ صغرهم ومنعهم من الإبداع”.
وتابع الأخصائي النفسي “حتى أن وجود النظام العسكري داخل المدارس من اللباس الموحد والاصطفاف الصباحي وترديد شعارات حزب البعث هو دليل أخر على ذلك” .
يذكر أن واحدة من كل ثلاث مدارس داخل سوريا لم تعُد صالحة للاستخدام لأنها تعرضت للدمار أو للضرر أو لأنها تُستخدم لأغراض عسكرية، وفق تقرير لـ “اليونيسف”.