تسببت قرارات رفع الدعم الأخيرة التي أجرتها حكومة النظام السوري بمناطق سيطرتها، بتفاقم الأزمة الاقتصادية والانهيار المالي، واستمرت القيمة الشرائية لليرة السورية بالانخفاض.
وبلغ متوسط حاجة الأسرة السورية المكونة من 5 أشخاص من المال، حوالي مليون ليرة شهرياً، (ما يعدل 300 دولار أميركي) مقابل الغذاء والسكن والنقل والتدفئة والدراسة فقط، بدون احتساب شراء ملابس أو أدوات شخصية وحتى زيارة الطبيب، وفق لاستطلاع أجرته الاتحاد ميديا على عشرات العائلات في مناطق سيطرة النظام.
ويقول “سهير” وهو موظف حكومي متزوج ولديه 3 أطفال، لـ”الاتحاد ميديا”، أنه بحاجة شهرياً لأكثر من مليون ليرة سورية “بالورقة والقلم”، لقاء المستلزمات الأساسية فقط.
ويتابع “سهير”، قائلاً “حجم مصروفنا كأسرة يبلغ 4 أضعاف دخلنا الشهري أنا وزوجتي، فمدخولنا لا يتجاوز 250 ألف ليرة سورية سويةً (ما يعادل 75 دولار أميركي تقريباً)”، مبيناً أن “لولا الحوالات التي يرسلها ابنه من المغترب لكان مات جوعاً”.
أما “جود” الذي يعمل كنجار خشب، فيقول لـ”الاتحاد ميديا”، أنا الوحيد في المنزل الذي أمتلك دخلاً، وخاصة أن أولادي الثلاثة لا يزالوا صغاراً وغير قادرين على الإنتاج، وأريد أن أكمل تعليمهم”.
ويبيّن “جود” أنه بحاجة لأكثر من 1.5 مليون ليرة سورية شهرياً، (425 دولار أميركي) لشراء احتياجاته الأساسية لأسرته ولوالديه”.
ويشرح “جود” عن حجم المصروف الذي تضطر لدفعه أي أسرة عادية في مناطق سيطرة النظام، شهرياً، قائلاً “المصروف غير طبيعي وكبير جداً، تخيل أنه إذا تناولنا وجبة واحدة في اليوم من الفلافل، فأنا بحاجة لـ 7 سندويشات لعائلتي وأهلي، بمبلغ 14 ألف ليرة سورية ما يعادل 420 ألف ليرة سورية شهرياً (120 دولار أميركي)”.
ويضيف “هذا المبلغ هو الحد الأدنى للبقاء على قيد الحياة، ما لم يمرض أحد أو احتاج لدواء”.
رفع الدعم
أعلنت حكومة النظام السوري مطلع الشهر الحالي بدء المرحلة الأولى من رفع الدعم الحكومي عن بعض العائلات، ليتم استبعاد حوالي600 ألف عائلة بشكل مبدئي.
وقالت معاونة وزيرة الاتصالات والتقانة لشؤون التحول الرقمي التابعة للنظام السوري “فاديا سليمان” بتصريحات لإذاعة شام إف إم التابعة للنظام، “أخذ القرار بعين الاعتبار الملكيات العقارية التي تملكها الأسرة الواحدة في نفس المحافظة، بالإضافة إلى مراعاة مناطق توزع الملكيات”.
وأًصبح سعر مادة الخبز المُسلمة للمعتمدين أو السيارات الناقلة، 1300 ليرة سورية، أي ما يعادل 0.3 دولاراً أميركياً تقريباً، للمستبعدين من الدعم.
ووصل سعر أسطوانات الغاز لغير المشمولين بالدعم الحكومي حوالي 30 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 20 دولاراً أميركياً.
وأصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في 15 كانون الأول/ديسمبر مرسوماً يقضي بزيادة نسبة 30% على الأجور المقطوعة لكل من العاملين المدنيين والعسكريين.
وتضمن المرسوم الذي نشرته وكالة أنباء النظام “سانا”، رفع الحد الأدنى العام للأجور، والحد الأدنى لأجور المهن لعمال القطاع الخاص والتعاوني والمشترك إلى 92 ألفاً و970 ليرة سورية (ما يعادل 37 دولاراً أميركياً).
وكشف المكتب المركزي للإحصاء في حكومة النظام، مطلع آذار/مارس 2021، عن أن الرقم القياسي لأسعار المستهلك تجاوز 2000 % خلال 10 سنوات الفائتة.
وقال مدير إحصاءات التجارة الخارجية والأسعار في المكتب، بشار القاسم: “إن الرقم القياسي لأسعار المستهلك وصل إلى 2107.8 %، حتى شهر أغسطس / آب من عام 2020، وذلك مقارنة بعام الأساس 2010”
الجوع والفقر في سوريا
أشار تقرير “نقاط الجوع الساخنة” الصادر عن “منظمة الأغذية والزراعة FAO” و”برنامج الأغذية العالمي “WFP” أن سوريا من بين 20 دولة حول العالم، وهي “بؤر جوع ساخنة”، يعرض الصراع والصدمات الاقتصادية والمخاطر الطبيعية وعدم الاستقرار السياسي ومحدودية وصول المساعدات الإنسانية، ملايين الأرواح للخطر.
ونوه التقرير إلى أن في سوريا “لا يزال ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد مدفوعا بالأزمة الاقتصادية المستمرة والنزوح المطول والظروف الشبيهة بالجفاف التي تؤثر على الإنتاج الزراعي”.
وكشف “برنامج الأغذية العالمي في شباط/ فبراير 2021 عن بيانات تفيد بأن 12.4 مليون سوري، أي ما يقارب 60% يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وقدّر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، في تشرين الأول/ أكتوبر 2021 أعداد السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر بأكثر من 90% في كلمة له خلال جلسة لمجلس الأمن.
وذكرت “الصحة العالمية” أن “13.4 مليون شخص بحاجة إلى مساعدة إنسانية، و12.2 مليون شخص بحاجة للمساعدة الصحية، من بينهم 4 ملايين نازح و1.33 مليون طفل دون الخامسة”.
ونوهت المنظمة إلى أن “انعدام الأمن والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية، واستمرار جائحة كورونا تؤثر على توافر الخدمات الصحية وجودتها في جميع أنحاء سوريا”.