نشر تقرير صادر عن منظمة حقوق الإنسان “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” يوم الاثنين الماضي، أنّ الحكومة التركية ترحّل لاجئين سوريين قسراً إلى شمال سوريا تحت غطاء “العودة الطوعية”، مستخدمة أساليب الاستجواب القسرية، وأساليب الضغط عليهم ليتم ترحيلهم.
وأشار التقرير الذي استند إلى 21 لاجئاً سورياً إلى أن “أنقرة ألغت وثائق الهوية والحماية الصادرة عن الحكومة التركية بحق بعض اللاجئين السوريين، وفرضت حظراً على دخولهم لمدة خمس سنوات، وجمّدت حساباتهم المصرفية وطردتهم من وظائفهم”.
وقدّم التقرير مثالاً لأحد اللاجئين السوريين والذي تم ترحيله بعد اعتقاله واحتجازه بشكل تعسفي، وقال الشاهد: “بعد أسابيع من الاعتقال بدأوا في إخراج مجموعات منّا كل يوم، ولم نكن نعرف ماذا يحدث لهم، وعند وصول دوري أخذوني إلى حجرة الاستجواب، وسألني المحقق بضع أسئلة ومن ثم قال لي وقّع على هذه الورقة للإفراج عنك، وأدركت حينها انّها موافقة على العودة طواعية إلى سوريا”.
وبعد أن رفض الشاهد التوقيع أعادوه إلى السجن مرة أخرى، وقال: “قيدوني بالأصفاد وأجبروني على التوقيع على وثيقة العودة الطوعية”، وأشار تقرير “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، إلى أنّ “السلطات التركية عملت في أيار/ مايو 2021 على نقل اللاجئين وتسليمهم إلى الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، ليقوم بدوره باعتقالهم واستجوابهم وضربهم وإهانتهم ومن ثم مطالبتهم بالأموال لإطلاق سراحهم”.
وبحسب التقرير “تعرّض اللاجئون للابتزاز وانتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك الاحتجاز والتعذيب من قبل ميليشيات معارضة أخرى مثل هيئة تحرير الشام، وتعمدت السلطات التركية إرسال العديد من اللاجئين السوريين عبر المعبر الحدودي الواقع تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، مدركين تماماً أن بعضهم كانوا مطلوبين من قبل هذه الجماعة”.
ومن خلال تتبع البيانات والإحصاءات الصادرة عن وسائل الإعلام الرسمية المرتبطة بالمعابر الحدودية الثلاثة الرئيسية وهي باب الهوى وباب السلامة وتل أبيض، وجدت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” أنه تم إعادة “ما لا يقل عن 155 ألف شخص إلى سوريا في ظل هذه الظروف بالإكراه من قبل السلطات التركية”.
وأشار التقرير إلى إرسال “100872 لاجئًا عبر معبر باب الهوى الحدودي، وهو المعبر نفسه المستخدم رسمياً من قبل المنظمات الدولية لإرسال المساعدات بين عامي 2019 و2021، وإرسال 47310 لاجئاً سورياً عبر معبر باب السلامة الحدودي خلال الفترة نفسها، كما وثق معبر الأبيض الحدودي ترحيل 9344 لاجئاً إلى سورياً بين منتصف 2020 و2021”.
وبحسب مصادر “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، فبلغ “معدل عدد اللاجئين السوريين الذين تم ترحيلهم عبر معبر باب السلامة وحده بـ 400 والغالبية أعيدوا قسراً”.
ترحيل السوريين مستمر
وشهدت تركيا خلال الفترة الماضية العديد من حالات الترحيل التي طالت سوريين مقيمين على أراضيها رغم أن الغالبية منهم لديهم بطاقات الإقامة أو ما تعرف بـ “كيمليك”.
ورحّلت السلطات التركية خلال الشهر الجاري نحو 152 سورياً بعد حملة اعتقالات عشوائية طالتهم وهم عمال وطلاب مقيمين بمدينة إستانبول.
وتذرعت السلطات التركية بأن السوريين الذين اعتقلتهم “ليسوا مقيمين في الولاية المسجلة” وعلى ذلك نفذت إجراءات ترحيلهم بشكل قسري إلى المناطق الشمالية من سوريا الواقعة تحت سيطرة الفصائل الموالية لها.
ورحّلت السلطات التركية الناشط الإعلامي السوري “منيب العلي” إلى سوريا في 29 كانون الثاني/ يناير الماضي، بعد أن تم توقيفه في شهر أيار/ مايو الماضي إثر نشره تغريدة على حسابه الرسمي على موقع “تويتر” انتقد فيها الشرطة التركية.
ونشر الناشط السوري “طه الغازي” عبر حسابه الرسمي على فيسبوك بيان صادر عن منيب حول تفاصيل ترحيله من تركيا، وجاء في البيان: “قرار الاعتقال كان نتيجة انتقادي لواقعة اقتحام عناصر الشرطة التركية لإحدى المساجد في ولاية غازي عنتاب”.
وأشار الغازي إلى أنّه “بعد اعتقال منيب للمرة الثانية وُضع منيب أمام خيارين إما السجن في مركز احتجاز لمدة عام، أو العودة طواعية إلى الداخل السوري، ونتيجة لذلك وافق على العودة”.
وأعادت مديرية إدارة الهجرة بولاية أضنة 19 سورياً في 16 كانون الثاني/ يناير الماضي، وذلك بعد ظهورهم في تسجيل مصور حاملين أسلحة بيضاء.
وأحالت الحكومة التركية في تشرين الثاني/ نوفمبر 45 سورياً إلى مراكز الترحيل، بعد مشاركتهم بكتابة منشورات حول قضية “الموز” الشهيرة، والتي اعتبرتها تركيا “استفزازاً”.
السوريون بتركيا
ويقدر عدد اللاجئين السوريين منذ بداية الثورة في آذار/ مارس 2011 بنحو 6.7 مليون شخص إلى مختلف دول العالم، منهم 5.5 مليون لجئوا إلى دول جوار سوريا، وفق إحصائيات للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ووفق إحصائية حديثة صادرة عن هيئة الإحصاء التركية، بلغ عدد اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا أكثر من ثلاثة ملايين و645 ألف لاجئ سوري، بينهم مليون و583 ألفاً و373 امرأة وطفل.