وصل الفقر لمستويات قياسية في مناطق سيطرة النظام السوري، مع تنامي معدلات البطالة والهجرة وشلل الحركة التجارية في الأسواق، مما اضطر العديد من السكان إلى بيع أملاكهم وعقاراتهم من أجل شراء الطعام والشراب، في حين وصل البعض لبيع مقتنيات عائلته المادية والمعنوية، أو الهدايا والذكريات القيّمة.
وقالت “مريم” لـ”الاتحاد ميديا” أنها “اضطرت للتخلي عن أقراطها الذهبية التي أعطتها لها جدتها يوم زواجها، وباعتهم لشراء مازوت التدفئة، خلال موجة البرد والصقيع السابقة”.
وتابعت “مريم”، هذه ليست المرة الأولى التي أبيع بها أشياء تحمل قيمة معنوية أكثر من المادية بالنسبة لي، فسبق أن قمت ببيع فستان زفافي بنصف ثمنه أيضاً بسبب حاجتي للمال”.
حالات كثيرة مشابهة علمت بها “الاتحاد ميديا”، وبمختلف مناطق سيطرة النظام السوري، فمثلاً “أبو محمد” الذي نزح من ريف حمص عام 2014 باتجاه مدينة سلمية، قام ببيع “مجموعة نحاسية من “مصبات القهوة” كان يتباهى بها وورثها عن أجداده.
ويقول “أبو محمد”، “وصل الضيق المالي بي لحدود الجوع، ولا أملك أي عقار أو منزل أستطيع بيعه بعد دمار كل ما أملك خلال العمليات العسكرية في ريف حمص الشرقي، وعملي بتجارة الأعلاف تراجع جداً حتى أصبحت بلا عمل، واضطررت لبيع بعض مقتنياتي”.
ولجأ البعض لبيع خواتم الزواج والخطوبة أو بعض اللوحات الفنية و”الأنتيكا” كالساعات القديمة والهواتف وأسطوانات الموسيقا وأجهزة الراديو وغيرها.
استفحال معدلات الفقر
تسببت قرارات رفع الدعم الأخيرة عن مئات الآلاف من الأسر، التي أجرتها حكومة النظام السوري بمناطق سيطرتها، بتفاقم الأزمة الاقتصادية والانهيار المالي، واستمرت القيمة الشرائية لليرة السورية بالانخفاض.
وبلغ متوسط حاجة الأسرة السورية المكونة من 5 أشخاص من المال، حوالي مليون ليرة شهرياً، (ما يعدل 300 دولار أميركي) مقابل الغذاء والسكن والنقل والتدفئة والدراسة فقط، بدون احتساب شراء ملابس أو أدوات شخصية وحتى زيارة الطبيب، وفق لاستطلاع أجرته “الاتحاد ميديا” على عشرات العائلات في مناطق سيطرة النظام.
وكشف “برنامج الأغذية العالمي” في شباط/ فبراير 2021 عن بيانات تفيد بأن 12.4 مليون سوري، أي ما يقارب 60% يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وقدّر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، في تشرين الأول/ أكتوبر 2021 أعداد السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر بأكثر من 90% في كلمة له خلال جلسة لمجلس الأمن.
وأعلن وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، تخصيص 25 مليون دولار لدعم عمليات الإغاثة في سوريا.
واعتبر “غريفيث” أن هذه الخطوة التي أتت في سياق إفراج الأمم المتحدة عن 150 مليون دولار من الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ، تمثل “شريان الحياة لملايين الأشخاص المحاصرين في أزمات نقص التمويل”.
وأشار تقرير “نقاط الجوع الساخنة” الصادر عن “منظمة الأغذية والزراعة FAO” و”برنامج الأغذية العالمي “WFP” أن سوريا من بين 20 دولة حول العالم، وهي “بؤر جوع ساخنة”، يعرض الصراع والصدمات الاقتصادية والمخاطر الطبيعية وعدم الاستقرار السياسي ومحدودية وصول المساعدات الإنسانية، ملايين الأرواح للخطر.