أعرب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، عن قلقه من أن الدبلوماسية الدولية البناءة المطلوبة لدفع العملية السياسية في سوريا “قد تكون أكثر صعوبة مما كانت عليه، على خلفية العمليات العسكرية الدائرة حالياً في أوكرانيا”.
وقال بيدرسن في إحاطة أمام مجلس_الأمن الدولي، الجمعة، إن الجولة السابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية ستعقد في 21 من الشهر المقبل، مشدداً على أن المسار السياسي هو الحل الوحيد لإنهاء المعاناة، ما يتطلب عملية سياسية مدعومة دولياً ويقودها السوريون.
وأضاف أن الهدف سيكون إحراز تقدم ضمن مبادرة “خطوة مقابل خطوة” (رفضتها المعارضة السورية والنظام)، مؤكداً حرصه على تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، وكذلك على إشراك الأطراف السورية والتشاور على نطاق واسع.
واعتبر بيدرسون أن السوريين يتطلعون إلى رؤية تقدم في ملف المعتقلين والمختطفين والمفقودين الذي لا زال يؤثر على حياة كثير منهم في كافة أنحاء سوريا، كما تحدث مجدداً عن معاناة من الفقر والجوع بمستويات أعلى مما كانت عليه بأي وقت سابق في سوريا.
الأخذ بالعِبر
تلقت الولايات المتحدة وحلفاؤها صدمة حين بدأت روسيا مشاركتها في الحرب الأهلية المتواصلة في سوريا، في صيف عام 2015. وبدافع الإحباط، ادعى الرئيس باراك أوباما أن سوريا ستصبح “مستنقع” روسيا والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
إن سوريا ستصبح نظير فيتنام روسيا أو أفغانستان بوتين، وهو خطأ فادح سيرتد في نهاية الأمر ضد المصالح الروسية.
لم ينته مآل الأمور في سوريا إلى نهاية تعتبر بمثابة المستنقع بالنسبة لبوتين. ولقد غيرت روسيا مسار الحرب، فأنقذت رئيس النظام السوري بشار الأسد من هزيمة وشيكة، ثم حولت القوة العسكرية إلى نفوذ دبلوماسي. وأبقت التكاليف والخسائر البشرية في مستوى قابل للاستمرار.
والآن لم يعد ممكناً تجاهل روسيا في سوريا. لم تكن هناك تسوية دبلوماسية. وبدلاً من ذلك، فقد اكتسبت روسيا قدرة على التأثير في رقعة إقليمية أوسع، من إسرائيل إلى ليبيا، كما استبقت شريكاً مخلصاً لها هو الأسد في مكانه من أجل عرض قوة روسيا.
وفي سوريا، كان احتمال نجاح التدخل الروسي هو ما أخفقت إدارة أوباما في توقعه.
وها هي الولايات المتحدة وأوروبا تفكران من جديد في ظروف هذا الشتاء الذي يعصى الخيال والتوقع بين 2021 و 2022، في [إمكانية حصول] تدخل روسي كبير في أوروبا نفسها هذه المرة. وها هم المحللون الكثيرون يحذرون من جديد أيضاً من العواقب الوخيمة التي ستكون من نصيب المعتدي.
وفي 11 شباط، تكهن جيمس كليفرلي، وهو وزير دولة بريطاني، بأن حرباً واسعة في أوكرانيا “ستكون بمثابة مستنقع” بالنسبة لروسيا. وهناك ما يشبه الإجماع عموماً بأن تحليلاً منطقياً للتكلفة والفوائد يدل على أن حرباً شاملة في أوكرانيا ستكلف الكرملين ثمناً باهظاً جداً وستتمخض عن إراقة الكثير من الدماء.
وقدرت الولايات المتحدة أن من الممكن سقوط ما يصل إلى 50 ألفاً من الضحايا بين المدنيين. وإلى جانب تقويض الدعم الذي يتمتع به بوتين في أوساط النخب الروسية، ممن سيعانون شخصياً من التوترات التي ستحصل مع أوروبا، يمكن للحرب أن تعرّض اقتصاد روسيا إلى الخطر ويقابلها عامة الروس بالنفور.
وفي الوقت نفسه، قد تأتي الحرب بقوات حلف الناتو إلى مواقع قريبة من الحدود الروسية، وتترك روسيا لتقاتل مقاومة أوكرانية على امتداد سنوات لاحقة. وطبقاً لوجهة النظر هذه، فإن روسيا ستقع في فخ كارثة من صنعها. (مترجم من فورين أفيرز، فبراير/شباط 2022).
تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا على سوريا ؟
تتفاوت التحليلات حول مدى انعكاس الحرب التي بدأتها روسيا في أوكرانيا على الساحة السورية بين إمكانية انحسار الدور الروسي في سورية مع انشغال روسيا بهذه الأزمة والمواجهة مع الغرب، وبين استغلال الروس وجودهم في سورية لتحويل الأخيرة ساحة إضافية لهذه المواجهة، خاصة مع وجود مؤشرات على استخدام الساحل السوري في العمليات العسكرية الجارية في أوكرانيا.
وفي هذا السياق، قال وزير خارجية النظام السوري فيصل مقداد متباهيا إن أحدث المقاتلات الروسية تنطلق من قاعدة حميميم. وأضاف في حديث مع قناة “الإخبارية” التابعة للنظام، مساء أمس، أن هناك “تنسيقا استراتيجيا بين سورية والاتحاد الروسي، وهو مستمر وعميق وستظهر آثاره على مختلف المستويات سياسيا واقتصاديا وعسكريا. لاحظتم أحدث الطائرات الروسية تنطلق من مطار حميميم”.
وأشار إلى زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى سورية مؤخرا، وقال إنها كانت “مهمة جدا”. واعتبر أن “المعركة التي تخوضها سورية وروسيا من أجل الأمن والاستقرار هي معركة واحدة”، نافيا ما قيل عن وجود مقايضات بين سورية وأوكرانيا بالنسبة لروسيا، وقال إن “الحديث عن مقايضات هو محاولات غربية للتشكيك بالعلاقات السورية الروسية”.
الأمم المتحدة وروسيا
وكان المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون أعرب، في تصريحات له أمس بعد اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، عن خشيته أن التطورات الأخيرة للأزمة في أوكرانيا قد يكون لها تأثير سلبي على حل الصراع في سورية.
وقال بيدرسون، في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إنه تم تحديد يوم 21 مارس/ آذار المقبل موعدا لاجتماع اللجنة الدستورية السورية.
بدوره، قال لافروف إنه “في أي نزاع، بما في ذلك النزاع السوري، فإن الأمانة العامة للأمم المتحدة ملزمة بمراعاة الحياد، وهي ملزمة دائماً بالدعوة إلى الحوار المباشر بين الدول المتحاربة، كما هو الحال في الأزمة السورية”.
وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو زار سورية في منتصف الشهر الجاري، وسط مخاوف من محاولة موسكو توظيف نفوذها العسكري في سورية في صراعها مع دول حلف شمال الأطلسي حول أوكرانيا، حيث تزامنت زيارة شويغو مع انطلاق مناورات روسية في البحر المتوسط، لا تزال مستمرة، يشارك فيها 140 غواصة وفرقاطة وسفينة، مع تغطية جوية من 40 طائرة حربية.
وقبل بداية المناورات، استقدمت روسيا إلى قاعدة طرطوس ست سفن إنزال كبيرة من أسطول الشمال وبحر البلطيق، كما نشرت، في أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي، طائرات حربية جديدة في قاعدة “حميميم” من طراز سوخوي 34 و35، إضافة إلى القاذفات الاستراتيجية بعيدة المدى “تو 22- إم”.
كما وصلت إلى قاعدة حميميم، الشهر الجاري، طائرات من طراز “ميغ 31” محملة بصواريخ “فرط صوتية” تستخدم في استهداف حاملات الطائرات في البحر.
الأسد يدعم بوتين في حربه
أعلن رئيس النظام السوري، بشار الأسد، دعمه القوي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في “العملية العسكرية” التي يقوم بها في أوكرانيا.
وأفاد الكرملين، بأن بوتين تحدث، اليوم الجمعة، مع الأسد حول أوكرانيا، وتطرقا إلى سياسة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.
وقالت رئاسة النظام، إن الاتصال الهاتفي الذي جمع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد دار حول “الوضع في أوكرانيا، والعملية العسكرية الخاصة التي تقوم بها روسيا الاتحادية لحماية السكان المدنيين في منطقة دونباس”.
ونقل بيان رئاسة نظام الأسد، عن الأسد تأكيده خلال المحادثة “أن ما يحصل اليوم هو تصحيح للتاريخ وإعادة التوازن إلى العالم الذي فقده بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، وأن الهيستريا الغربية تأتي من أجل إبقاء التاريخ في المكان الخاطئ لصالح الفوضى التي لا يسعى إليها إلا الخارجون عن القانون”.
ونقل البيان عن الأسد قوله: “إنّ الدول الغربية تتحمل مسؤولية الفوضى والدماء نتيجة سياساتها التي تهدف للسيطرة على الشعوب، حيث أن هذه الدول تستخدم أساليبها القذرة لدعم الإرهابيين في سوريا والنازيين في أوكرانيا وفي أماكن مختلفة من العالم”.
وأشار الأسد أيضا إلى أن “العدو الذي يجابهه الجيشان السوري والروسي واحد، ففي سوريا هو تطرف وفي أوكرانيا هو نازية”.