جيروزاليم بوست: موقف إسرائيل من غزو أوكرانيا قد يكون مكلفاً لها في سوريا

تطرقت صحيفة “جيروزاليم بوست” في مقال نشرته اليوم، إلى الدعم الأميركي الكبير لإسرائيل في شتى المجالات، وما يمكن أن يترتب على موقف إسرائيل من الغزو الروسي لأوكرانيا، من تأثير على التوافق الروسي الإسرائيلي حول سوريا.

ولم تستبعد الصحيفة في مقالها الذي جاء بعنوان “هل التنسيق في سوريا مع روسيا يستحق المخاطرة بالتحالف الأمريكي- الإسرائيلي؟” أن تتجه موسكو للانتقام بسبب الموقف من الحرب في أوكرانيا، بإيقاف التنسيق الأمني في سوريا، وتسليم بطاريات صواريخ متطورة إلى قوات النظام، وحتى السماح لطياريه اعتراض الطائرات الإسرائيلية في الأجواء السورية.

وأشارت إلى أن بوتين، مثل إسرائيل، يريد أيضاً إخراج إيران من سوريا ليهيمن على عملية إعادة الإعمار.

وخلصت الصحيفة إلى أن الموقف الإسرائيلي “ليس سهلاً”، خاصة أن الحرب في أوكرانيا “لن تنتهي قريباً”، ولكن “لا يزال أمام إسرائيل فرصة لمعرفة كيفية دعم أوكرانيا بالوسائل العسكرية لإنقاذ البلاد من الاحتلال الروسي، مع مواصلة ضرباتها في سوريا”.

مسك العصى من المنتصف

تسعى إسرائيل للحفاظ على توازن دقيق في الأزمة الأوكرانية بين حليفتها التاريخية الولايات المتحدة والقوات الروسية المتمركزة في سوريا المجاورة وحوالى مليون من مواطنيها المتحدرين من الاتحاد السوفياتي السابق والذين تربطهم علاقات بروسيا وأوكرانيا.

ليس في الحرب الدائرة حالياً والتي تشنها روسيا ضد أوكرانيا وفقط، ولكن منذ أن قامت روسيا بضم شبه جزيرة القرم إلى حدودها عام 2014، كانت إسرائيل تحاول الحفاظ على موقف الحياد في هذا الصراع الممتد والمتعدد الأطراف. ولكن مع تطور الأحداث، لم يكن أمامها إلا إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا صراحة على لسان وزير خارجيتها يائير لبيد.

فشل سياسة الوقوف على الحياد

امتنعت إسرائيل عن دعم قرار في مجلس الأمن الدولي يدين الهجوم الروسي على أوكرانيا رغم طلب الإدارة الأمريكية منها تأييده.

في تصريح لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى (لم يذكر اسمه أو منصبه) لموقع “المونيتور”في 22 فبراير، قال: “إذا نظرت إسرائيل إلى الأزمة الحالية بين روسيا وأوكرانيا كصراع ثنائي وفقط، فإنها حتماً ستنحاز لروسيا، ولكن إذا كان على إسرائيل أن تختار بين روسيا والولايات المتحدة (إذا ما طلبت الأخيرة من إسرائيل إدانة السياسة الروسية حيال أوكرانيا) فإن إسرائيل ستنحاز حتماً للولايات المتحدة”.

وقال موقع “تايمز أوف إسرائيل”: “على الرغم من طلب إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، من إسرائيل، دعم قرار مجلس الأمن الدولي الذي يدين الغزو الروسي لأوكرانيا، امتنعت إسرائيل عن القيام بذلك”.

وأضاف نقلا عن دبلوماسي غربي إن “البعثة الأمريكية في الأمم المتحدة تواصلت مع بعثات عشرات الدول وطلبت منها دعم القرار، وردت 81 دولة على النداء الأمريكي ووقعت على قائمة رسمية بذلك”.

وتابع: “أحالت البعثة الإسرائيلية الأمر مرة أخرى إلى إسرائيل لطلب التوجيه، وجرى التوصل إلى قرار، يفيد بتجنب الانضمام إلى مثل هذه اللفتة القوية ضد روسيا”، وأكد مسؤول آخر نفس الأمر لتايمز أوف إسرائيل.

موقف اسرائيل لا يروق لكييف ولا لموسكو

جهود إسرائيل لتجنب الاصطفاف بشكل وثيق مع أي من الجانبين دفعت كييف للتعبير عن خيبة أملها، بينما استدعت روسيا سفير إسرائيل في موسكو أيضا، لمطالبته بتوضيح موقف دولته من الأحداث في أوكرانيا.

وقالت الهيئة العامة للبث الإسرائيلي: “استدعت وزارة الخارجية في موسكو سفير إسرائيل لدى روسيا ألكس بن تسفي، لتقديم إيضاحات”.

وأضافت: “قال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف للسفير إنه يرغب في الحصول على توضيح حيال شجب وزير الخارجية يائير لابيد للهجوم الروسي على أوكرانيا”.

وتابعت: “أشار بن تسفي إلى أن إسرائيل قلقة من الأوضاع في أوكرانيا، وترغب في وقف التصعيد وإيجاد حل دبلوماسي للأزمة”.

وفي بداية التوتر قبل أسابيع، كانت إسرائيل تكتفي بالإشارة إلى أنها “تدعم وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها”.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان في وقت سابق، إن الجانبين “بينيت وزيلينسكي” “تحدثا عن وضع القتال في أوكرانيا وفي منطقة كييف بشكل خاص. وعرض رئيس الوزراء تقديم إسرائيل أي مساعدات إنسانية”.

ولاحقا، كشفت الهيئة العامة للبث الإسرائيلي (كان) النقاب عن أن “أوكرانيا طلبت من إسرائيل التوسط لدى روسيا في الاتصالات الهادفة إلى التوصل لوقف لإطلاق النار”.

وأضافت: “اقترح الرئيس زيلينسكي أن تجرى عملية التوسط في إسرائيل”.

وتعقيبا على ذلك، قال سفير أوكرانيا لدى إسرائيل ايفغين كورنيتشوك إن “صناع القرار في إسرائيل لم يرفضوا طلب زيلنسكي على الفور”.

وبالمقابل، قال السفير الروسي لدى إسرائيل أناتولي فيكتوروف لـ”تايمز أوف إسرائيل”، إنه يأمل أن “تواصل إسرائيل اتخاذ نهج دبلوماسي حكيم”، في ردها على العملية الروسية.

سوريا

وحول امتناع إسرائيل عن اتخاذ موقف معاد لروسيا، قال موقع “تايمز أوف إسرائيل”، إن “إسرائيل هي واحدة من الدول القليلة التي تحافظ على علاقات دافئة نسبيا مع أوكرانيا وكذلك مع روسيا، التي تسيطر على المجال الجوي فوق سوريا”.

وأضاف “لقد اعتمدت إسرائيل على موافقة موسكو الضمنية على استخدام ذلك المجال الجوي لشن غارات جوية ضد وكلاء إيران خارج حدودها الشمالية مباشرة” أي في سوريا.

وبدورها، قالت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية، في تقرير، “تواجه إسرائيل معضلة دبلوماسية-أمنية لا تواجهها أي دولة أخرى، الولايات المتحدة حليفنا ولها توقعاتها، من ناحية أخرى فإن الجيش الروسي موجود أيضا في سوريا”.

وأضافت “كان على صانعي السياسة أن يقرروا ما هو أرخص سعر يمكن أن ندفعه للغرب، مقارنة بالضرر الكارثي المحتمل الذي سيلحق بنا من قبل الروس في المستقبل. المشي على الجمر الساخن؟ هذا نموذج مثالي”.

وتابعت: “بشكل عام، يتعامل قادتنا السياسيون والعسكريون مع الأمور بشكل معقول حتى الآن”.

إيران في سوريا

وقالت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية، في تقرير تابعته، “حتى وقت قريب، كانت إسرائيل تعتقد أن روسيا لم تكن مهتمة برؤية وجود إيراني أكبر في سوريا، حيث تريد موسكو أن تلعب دورا رئيسيا في إعادة إعمار البلاد بعد أكثر من عقد من الحرب”.

أما صحيفة “جروزاليم بوست” الإسرائيلية فقالت في مقال، “هناك مشاكل، ربما أكبرها: القدرة على مواصلة العمل بحرية في سوريا ضد التمركز الإيراني، أو إذا كانت روسيا، التي تسيطر على سوريا، ستمنع الآن إسرائيل من مواصلة غاراتها شبه الأسبوعية عبر الحدود”.

وأضافت “ماذا سيفعل الوضع في أوكرانيا للمحادثات النووية في فيينا مع إيران؟ هل سيكون لدى العالم النطاق الترددي لمواصلة إنهاء التفاوض على اتفاق نووي جديد (أفضل؟) أم أنه سيرغب فقط في إبعاد الملف عن الطريق وإبرام اتفاق أسوأ مما كان ممكنا في الأصل؟”.

وتابعت: “كان رفض إجبار إيران على التنازل خلال الجولة الجديدة من المحادثات في فيينا، والموافقة على صفقة أقصر وأضعف على الرغم من الوعود بصفقة أقوى وأطول، مثالاً آخر على تراجع القوة الأمريكية”.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي قال في حديث مع موقع (واللا) الإسرائيلي إن ما يجري في أوكرانيا يوجه الأنظار عما يجري في محادثات فيينا.

شارك المقال على:
مقالات ذات صلة:

تقارير وتحقيقات

آخر الأخبار

مساحة نسوية

أرشيف الاتحاد