يتعرض عدد من سكان مناطق سيطرة النظام السوري، ممن يصلهم حوالات خارجية من أهاليهم، للتضيق والملاحقة الأمنية، وحتى لو كانت بالطرق “الشرعية” وعن طريق مكاتب الحوالات النظامية.
وقام فرع أمن الدولة باستدعاء مجموعة من الأشخاص خلال الأيام الماضية، في مدينة حماة، للتحقيق معهم بعد وصول مبالغ مالية من خارج البلاد لهم عن طريق شركة الحوالات المالية.
وقال “سهير” أحد الأشخاص، ممن استدعاهم فرع أمن الدولة للتحقيق معه، أن “وصلته حوالة خارجية من الإمارات عن طريق أحد أقاربه، وذهب لاستلامها من أحد أشهر مراكز الحوالات المالية في سوريا”.
وتابع “قبل أن استلم الحوالة البالغة حوالي 5 مليون ليرة سورية، طلبوا مني مكان الإقامة وصورة عن الهوية، بالإضافة لتوقيع على مستندات تحمل معلومات عني وعن سبب استلامي للحوالة والغاية منها ومعلومات عن الشخص المرسل لي”.
وأضاف مستلم الحوالة أن “بعد أيام من استلامه المبلغ المالي، يتصل به أحد الضباط من فرع أمن الدولة وطالبه بمراجعة الفرع”، مبيناً أن “المراجعة اعتيادية ولها علاقة بقصة تشابه أسماء لا أكثر”.
وأوضح “سهير” أن “بعد مراجعتي للفرع تبين أن الغاية هي معرفة سبب وصول الحوالة المالي لي، ومعرفة معلومات عن المرسل”، مبيناً أنه “بقي تحت ذمة التحقيق لمدة أسبوع وتعرض للتهديد بمواجهة تهم تتعلق بإرهاب الدولة، وبعد تأكد الفرع من عدم علاقته بأي شيء قاموا بإطلاق سراحه”.
وأشار “سهير” إلى أن “هناك العشرات من الموقوفين على ذمة التحقيق لنفس السبب أيضاً، وبعضهم طلب منه مبالغ مالية مقابل الإفراج عنه”.
وترسل شركات الحوالات المالية، تقاريراً يومية لأفرع الأمن السورية تتضمن أسماء الأشخاص الذي يقومون بعدة عمليات تحويل ضمن اليوم أو الشهر، أو ممن تتجاوز حوالتهم اليومية المليون ليرة سورية (300 دولار تقريباً).
اعتقالات في السوق السوداء
الحال ليس بأفضل لمستلمي الحوالات الخارجية من السوق السوداء، الذين يواجهون تهماً أكبر تتعلق بتمويل الإرهاب، وتهديد أمن الدولة واقتصادها.
ويوجد فارق مالي كبير بين تسعيرة مصرف سوريا المركزي، والتي تقدر ب 2500 ليرة سورية للدولار الواحد، وسعر الصرف في السوق السوداء، التي تصرف الدولار بسعر 3800 ليرة سورية، وفقاً لنشرة اليوم.
واعتقل حاجز مشترك من “أمن الدولة” وميليشيا “الباقر” الإيرانية، مطلع شهر آذار/ مارس، طالب جامعي من سكان حي الأشرفية بمدينة حلب، بتهمة استلامه حوالة مالية من مكاتب غير قانونية، وحيازته مبلغ 300 ألف ليرة سورية.
ويعتبر النظام السوري استلام مبالغ مالية من خارج القطر جريمة ويعاقب عليها بالسجن من شهر الى ثلاثة أشهر بالإضافة الى حجز كافة الأموال، وربما تصل التهم لتمويل الإرهاب التي عقوبتها السجن المؤبد.
اعتقلت أجهزة مخابرات النظام السوري، مجموعة من العاملين بإيصال التبرعات والمساعدات الإنسانية، في مناطق عدة تقع تحت سيطرة النظام السوري.
وعَلِمت “الاتحاد ميديا” عن طريق مصادر محلية أن مخابرات النظام استدعت مجموعة من المدنيين في محافظات دمشق وحلب وحمص وحماة، للتحقيق معهم بشأن الحوالات الخارجية التي تصلهم شهرياً، بتاريخ 22 يناير/كانون الثاني.
وقالت المصادر أن قوات النظام أطلقت سراح بعضهم بعد ساعات، واحتفظت بقسم آخر حتى الآن، على ذمة التحقيق، وخاصة الأشخاص ممن يمتلكون صفحات إنسانية على وسائل التواصل الاجتماعي، وينشرون عليها نداءات أو حالات إنسانية للمساعدة.
ويعتمد نحو 70% من سكان مناطق سيطرة النظام في معيشتهم على المساعدات والحوالات الخارجية، وفق دراسة لموقع “الاقتصادي” نشرها مطلع عم 2021.
وأفاد تقرير صادر عن الأمم المتحدة في 17ديسمبر/ كانون الأول الماضي أنّ “12.4 مليون شخصاً يعانون من انعدام الأمن الغذائي، و90% يعيشون في فقر، في سوريا”.