أوصى مؤتمر بغداد الدولي الثاني للمياه بالأخذ بعين الاعتبار حقوق دول المصب، أسوة بحقوق دول المنبع، من ناحية الحصص المائية من مبدأ تقاسم الضرر في ظل تحديات التغيرات المناخية، مع التركيز على دول المصب كونها المتأثر الأكبر من آثار التغيرات المناخية”.
وطالب البيان الختامي للمؤتمر الدول المتشاطئة في حوضي نهري دجلة والفرات بـ “التعاون على إدامة الأهوار والأراضي الرطبة في العراق وعلى كافة الأصعدة، بالإضافة إلى التنسيق فيما بينها للحصول على حقوقها المائية في ظل تغير المناخ”.
وحث البيان كذلك على “منح محفزات من أجل اتخاذ تدابير وقائية لخفض التلوث الصناعي، والسيطرة على الكيماويات في الزراعة للحفاظ على الموارد الطبيعية، والتخفيف من الآثار الناجمة عن التغير المناخي على نوعية المياه في المجاري المائية”.
بالإضافة إلى توصيات أخرى متعلقة بتطوير قطاع المياه في العراق والمساهمة في الحد من التغيرات المناخية التي يشهدها العالم.
وعقد مؤتمر بغداد الدولي الثاني للمياه على مدار ثلاثة أيام من 5 وحتى 7 آذار/ مارس الجاري، بحضور 275 شخصاً، ممثلين وشخصيات عربية ودولية مثل “جون كيري” مبعوث الرئيس الأميركي الخاص بالمناخ، والأمير “الحسن بن طلال”.
غياب مياه سوريا
يشكل نهري دجلة والفرات أهم الممرات المائية المشتركة بين سوريا والعراق، والتي تعاني منذ سنوات من حالات جفاف مستمرة بسبب تخزين تركيا مياهها خلف سدودها وحرمان الدولتين من حصصهما القانونية من المياه.
وحضر وزير الموارد المائية التابعة للنظام السوري “تمام رعد” ممثلاً للنظام السوري في المؤتمر، دون أن يذكر في المؤتمر الانتهاكات التركية المستمرة المتعلقة بقطع مياه نهري دجلة والفرات عن سوريا والعراق.
وسبّب الانحسار الكبير لمياه نهر الفرات الصيف الماضي معاناة لملايين الأشخاص في مدن الرقة، الطبقة، ودير الزور والأرياف التابعة لها، وهدد حياتهم لانعدام مياه الشرب والمياه اللازمة لري المزروعات.
بالإضافة إلى أن سدي “الطبقة” و”سد تشرين” يوفران أكثر من 90% من كهرباء مناطق شمال وشرقي سوريا، وسبب انخفاض مستوى المياه تقليل انتاج الطاقة الكهربائية بشكل كبير وحرمان ملايين الناس من الكهرباء.
واتهمت الإدارة الذاتية تركيا باستخدام المياه سلاحاً إضافياً ضدها عبر قطعه وحرمانها من الاستفادة منها في توليد الطاقة الكهربائية واستمرار مشاريع الري.
وانخفض منسوب المياه المتدفقة من تركيا إلى ما دون نصف الكمية المتفقة بين سوريا وتركيا بموجب اتفاق المياه عام 1987، والذي بموجبه توفر تركيا المياه لسوريا بمعدل 500 متر مكعب في الثانية، إلا أن النسبة انخفضت في بعض فترات العام المنصرم إلى أقل من 200 متر مكعب.
ووقعت سوريا والعراق عام 1989 اتفاقية مائية نصت على أن تكون حصة العراق 58% وحصة سوريا 42% من مجمل الكمية التي ترد من تركيا، لكن انخفاض كمية المياه الواردة من تركيا أدى بشكل تلقائي إلى تقليل مخصصات الدولتين.
المطالبة برفع دعوى ضد تركيا
نشرت مجلة “دير شبيجل” الألمانية، في وقت سابق، تقريراً حول شح المياه في سوريا.
وأوضحت في تقريرها أن تركيا تحتجز مياه نهر الفرات، وتتسبب في موجة عطش مميتة في الأراضي السورية، ضاربة بالأعراف والقوانين الدولية عرض الحائط.
وحذرت المنظمة الدولية للهج، من التداعيات الخطيرة لنقص المياه في الفرات
واستنكر المنتدى الدولي للمياه المنعقد نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي ما أسماها “سياسات الدولة التركية في تحويل المياه كسلاح سياسي ضد السكان المدنيين في شمال وشرقي سوريا، وعموم الدولة السورية والعراق”، وذلك من جملة التوصيات التي خرج بها.
ورفع المنتدى تقريراً باسم المشاركين فيه عن “انتهاكات الدولة التركية للقوانين والمواثيق الدولية الناظمة للمياه الدولية إلى هيئات ومنظمات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية”.
ودعا المنتدى المجتمع الدولي إلى “الضغط على تركيا للتراجع عن سياساتها واختراقها القوانين الناظمة للمياه الدولية المشتركة.
وطالب المنتدى بـ “رفع دعوى قضائية ضد تركيا لخرقها القانون الدولي العام، والأعراف الدولية والاتفاقيات الثنائية والثلاثية التي التزمت بها سابقاً بما يخص نهري دجلة والفرات، واستعمالها المياه كسلاح حرب، مخالفة بذلك اتفاقيات جنيف 1949”.
جذور مشكلة المياه
وتعود جذور مشكلة المياه إلى سبعينات القرن الماضي حين باشرت تركيا بتنفيذ مشروع يهدف إلى بناء 5 سدود عملاقة على نهر الفرات، ضمن مشروع “الغاب” الذي لا يزال مستمراً.
بالإضافة إلى تشييد سدود أخرى على نهري دجلة والفرات والتي ساهمت بتقليص مخصصات العراق من مياه النهرين بنسبة 80%، في حين انخفضت حصة سوريا بنسبة 40%، ولا تزال تركيا مستمرة ببناء هذه السدود.
ومن هذه السدود “سد أتاتورك” على نهر الفرات الذي انتهى العمل به عام 1990، وتصل طاقته التخزينية إلى 48 مليار متر مكعب.