ابنة شهيد للاتحاد ميديا: الانتفاضة الكردية مرتبطة بالألم وفخر كبير لنا

لم يكن “إدريس رمضان مراد” 28 عاماً، يعلم وهو يتوجه إلى الملعب البلدي بمدينة قامشلو، شمال شرقي سوريا، ظهيرة الثاني عشر من آذار 2004، أنه سيترك خلفه ابنة عمرها بضعة أسابيع، وسيرتبط عمرها بعمر الانتفاضة الكردية.

في ذلك اليوم، سقط ادريس شهيداً، وترك خلفه بالإضافة إلى الصغيرة “نور” ثلاثة أولاد آخرين، سيحملون صفة “أبناء الشهيد” لبقية حياتهم، وتصبح “الانتفاضة الكردية مرتبطة بألم كبير لهم” تقول “نور ادريس” للاتحاد ميديا.

وأضافت “نور” 18 عاماً “كان عمري 3 أشهر، ورغم صعوبة أن أكبر دون أب، وما تمثله هذه الانتفاضة من ألم ووجع كبيرين، إلا أن شعور الفخر يلازمني لأن أبي شهيد”.

وتتابع “لذلك في كل عام أزور قبره، وأشعل له الشموع، وأذهب للملعب البلدي، المكان الذي استشهد فيه، وأحاول إحياء ذكراه بكل شيء”.

وعن تفاصيل ذلك اليوم وما سمعته من الأهل، تقول “نور” أن ما تعلمه هو “إن ذلك اليوم كان صعباً على الجميع، وإن والدها استشهد في أول انتفاضة للكرد” حصلت في العصر الحديث، وهي “فخورة جداً بذلك”.

وأضافت “نور” “يتحدث الأهل لي أن الكرد حينها اتحدوا، وشاركوا معاً في التشييع، وأنهم تعرضوا للمضايقات والتهديد من قبل النظام، كما أن الشباب الكرد فعلوا كل ما بوسعهم لمواجهة قمع النظام”.

وحول عمليات التعويض أو محاسبة القتلى، أفادت الطالبة في كلية الحقوق أنهم كعائلة أحد شهداء الانتفاضة “لم يتلقوا أي تعويض مادي أو معنوي”، مشيرة إلى أنه “لا يهم التعويض المادي بالنسبة لي، أكثر ما يمكن للتعويض المعنوي أن ينصفنا أكثر، ويتم تقديرنا كأبناء شهداء”.

وتمنّت نور أن “تبقى ذكرى انتفاضة 12 آذار حية لدى العالم، ويبقى الناس يذكرون هذا اليوم، لأنه وحده ذلك يمنحنا الطمأنينة بفقدان والدنا”.

الانتفاضة الكردية

وقتلت قوات أمن النظام السوري يومي 12 و13 آذار 2004 أكثر من 36 شخصاً في مختلف المناطق الكردية، والمناطق ذات تواجد الكرد مثل حلب والعاصمة دمشق، بالإضافة لاعتقال المئات من الكرد.

وبدأت الأحداث حين هاجمت جماهير فريق الفتوة جماهير فريق الجهاد بالملعب البلدي بمدينة قامشلو، وتدخلت قوات أمن النظام مدافعة عن جماهير الفتوة، وأطلقت الرصاص الحي على جماهير الجهاد.

واستشهد ثلاثة أشخاص برصاص قوات النظام، بعد توجيه أوامر مباشرة من محافظ الحسكة آنذاك “سليم كبول” باستهداف المحتجين على ظلم النظام، واستعمال الرصاص الحي.

وأظهرت مقاطع مصورة وصور، آنذاك، استهداف عناصر من قوات أمن النظام السوري استهداف المدنيين بالأسلحة الرشاشة في الشوارع والأحياء المحيطة بالملعب البلدي.

واحتشد عشرات الآلاف في اليوم التالي أمام جامع “قاسمو” لتشييع الشهداء، وأثناء التشييع أطلقت قوات أمن وجيش النظام السوري الرصاص الحي بشكل مباشر على المشيعين واستشهد عدد آخر.

ورفع المشيعون شعارات تطالب بإعادة الجنسية إلى المجردين منها من المواطنين الكرد، والاعتراف الدستوري بالحقوق الثقافية والسياسية للشعب الكردي في سوريا.

وخرجت مظاهرات حاشدة في مختلف المدن الكردية والمدن السورية ذات التواجد الكردي الكثيف مثل حلب، والعاصمة دمشق، مع توارد أنباء سقوط الشهداء أكثر بمدينة قامشلو.

وشن قوات أمن النظام حملات اعتقال واسعة شملت الآلاف من الكرد، تعرض خلالها المعتقلون لأبشع أنواع الضرب والتعذيب، ووجهت تهم مقولبة إليهم من قبيل “اقتطاع جزء من الأراضي السورية وإلحاقها بدولة أجنبية، وهن نفسية الأمة، الإضرار بالثورة”، وغيرها.

وفقد عدد من المعتقلين حياتهم جراء التعذيب كالشهيد “فرهاد صبري” من مواليد 1975 الذي استشهد بمدينة الحسكة في 8 نيسان/ أبريل 2004، وأصيب آخرون بإصابات وعاهات مستديمة حرمتهم العيش بشكل طبيعي لبقية عمرهم.

وتمر اليوم 18 عاماً على الانتفاضة الكردية، ولا يزال ملف محاسبة المسؤولين، وتعويض الضحايا وأسر الشهداء مغيباً عن أجندات المنظمات الدولية، والمؤسسات السورية المعنية بحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية.

شارك المقال على:
مقالات ذات صلة:

تقارير وتحقيقات

آخر الأخبار

مساحة نسوية

أرشيف الاتحاد