أفادت مصادر محلية في إدلب، أن العشرات من الخيام، تهدمت، وغمرتها المياه، بسبب موجة الرياح والأمطار التي ضربت المنطقة خلال هذه الفترة.
ويفتقر سكان مخيمات إدلب لأدنى مقومات الحياة الكريمة مع هيمنة مطلقة وتحكم هيئة تحرير الشام بمفاصل الحياة وتضييق الخناق على السُكان والنازحين على السواء، بحسب نشطاء في إدلب، فضلوا عدم ذكر اسمهم خوفاً من الاعتقال.
بحسب تقديرات المنظمات غير الحكومية، تضرر في أول هطول مطري هذا الشتاء أكثر من 40 مخيما في الشمال السوري.
وتتسبب العواصف المطرية باقتلاع الخيم وتمزيقها، فضلاً عن قطع الطرق المؤدية إلى المخيمات، كما تؤدي إلى تشكل برك الوحل والسيول التي تجتاح الخيم.
وقال الصحفي ياسر الأحمد من إدلب، أن “حوالي مليون ونصف مدني يعيشون بالمخيمات في شمال غرب سوريا (محافظة إدلب وريفها)، يعيشون في ظروف تفتقر إلى مواد تدفئة، وغالبية الخيم هي مهترئة بسبب الأحوال الجوية السيئة”.
وقالت منظمة “منسقو استجابة سوريا”، في بيان لها بتاريخ 23 كانون الأول/ ديسمبر، إن هناك مخاوف من حدوث حالات وفاة بين النازحين وخصوصا الأطفال في المخيمات، نتيجة انخفاض درجات الحرارة، في وقت لا يزال فيه الكثير من النازحين غير قادرين على العودة إلى مناطقهم الأصلية نتيجة تدمير منازلهم من قبل قوات النظام السوري وروسيا.
ووثقت المنظمة تضرر 1300 عائلة نازحة، وأن 194 خيمة تضررت كليا، كما غمرت مياه الأمطار أرضيات نحو 2,145 خيمة.
وأضاف الأحمد في حديثه ل”الاتحاد ميديا” أن “توجد العديد من العائلات التي تقيم في بيوت شبه مهدمة، كانت تعرضت للقصف بوقت سابق مما أدى لانهيار بعضها بسبب الأمطار والثلوج”.
وبين الأحمد أن ذلك “يترافق مع انقطاع مواد التدفئة وارتفاع ثمنها بنسبة١٥٠٪ ،بالاضافة لغلاء المواد الغذائية والتموينية وفقدانها من الأسواق”.
ونظرا لظروف الفقر وانعدام مقومات العيش في تلك المخيمات، معظم العائلات لا تتحمل تكلفة شراء الحطب أو الفحم لإبقاء النيران مشتعلة، لذلك بات الكثيرون يعتمدون على ما يجدونه من كرتون وخشب ومواد بلاستيكية أو حتى أغصان شجر الزيتون التي لم تيبس تماماً، والتي ينبعث منها دخان كثيف.
ولفت الصحفي المُقيم في إدلب ب أنه “وسط كل الظروف، تقوم سلطات الأمر الواقع بالوقوف جانب المحتكرين الذين هم واجهة لها مع عدم تقديم أي حلول لمئات الآلاف من النازحين.
لكن أساليب التدفئة غير الآمنة تزيد من خطر الإصابة بأمراض تنفسية ومضاعفات جراء استنشاق الدخان. وتقع سنوياً حالات وفاة جراء الحرائق التي تندلع في الخيم القماشية مع اللجوء إلى وسائل تدفئة غير آمنة.
وأوردت منظمة أطباء بلا حدود، أن “أمراض الجهاز التنفسي هي على الدوام من بين أول ثلاثة أمراض يتم الإبلاغ عنها في مرافقنا في شمال غرب سوريا”.
وقدّرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين الحاجة إلى تمويل بقيمة 182 مليون دولار للاستجابة للاحتياجات الرئيسية لأكثر من ثلاثة ملايين شخص في سوريا خلال هذا الشتاء. لكن نصف هذا المبلغ متوافر حالياً، وفق ما ورد في بيان نهاية العام العام الماضي.
وفي إحاطة افتراضية قدّمها نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، مارك كتس، في ال 24 من كانون الثاني الماضي، للصحفيين في نيويورك، قال: “إننا قلقون للغاية بشأن الوضع هناك، وكما تعلمون فإن واحدة من بين أكثر الفئات السكانية ضعفا في العالم تعيش في تلك المنطقة”.
بحسب الأمم المتحدة، يوجد 2.8 مليون شخص نازح ومعظمهم في مخيمات، وهذه المخيمات سيئة في أفضل الأحوال كما قال كتس، لأنها منطقة حرب، وقد فرّ السكان من العديد من المناطق في البلاد، ويعيشون هناك في ظروف صعبة للغاية.
وأضاف يقول: “لكن الآن، خلال هذا الطقس البارد جدا، رأينا بالفعل مشاهد مروعة في الأيام القليلة الماضية.”
وإضافة إلى ذلك، تساقط المطر بغزارة في بعض المناطق.
وعن ذلك، قال كتس: “تضرر حوالي 100,000 شخص بسبب الثلوج وحوالي 150,000 شخص يعيشون في خيام بسبب المطر والدرجات المتجمدة. هذا يعني ربع مليون شخص يعانون الآن”.
وفقا للمسؤول الأممي، فإن هؤلاء الأشخاص مرّوا بالكثير في السنوات الأخيرة، وفرّوا من مكان لآخر، ولحقت القنابل بهم، والكثير من المستشفيات والمدارس في شمال غرب سوريا تدمرت خلال 10 سنوات من الحرب، “والآن، نرى هؤلاء الأشخاص في بعض المخيمات – إنها منطقة كوارث حقيقية”.
وأكد أن العاملين الإنسانيين انتشلوا الأفراد من تحت الخيام المنهارة، والكثير من هؤلاء الأشخاص ليس لديهم معاول أو أدوات أخرى لإزالة الثلوج، ولذا كانوا يزيلون الثلوج من على خيامهم بأيديهم العارية.
وقال: “ترون صورا لأطفال يسيرون في الثلوج وعلى الجليد وهم يرتدون صنادل (أحذية غير ملائمة)، والوضع سيئ على وجه الخصوص بالنسبة للأشخاص كبار السن والأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يعيشون في هذه الخيام الممزقة والمتهالكة في ظل درجات حرارة تنخفض إلى دون صفر مئوية.”