“حفار القبور” يدلي بشهادته عن جرائم النظام السوري أمام الكونغرس

أدلى الشاهد السوري المعروف باسم “حفار القبور”، بشهادته عن المقابر الجماعية لضحايا التعذيب الذين قضوا بسجون ومعتقلات النظام في سوريا، أمام الكونغرس الأميركي.

و تتقاطع شهادة “حفار القبور” مع شهادة “قيصر”، المصور العسكري الذي انشق عن النظام وسرب صور آلاف الضحايا.

“قيصر” أو “سيزر”، هو الاسم الحركي لعسكري ومصور في الطبابة الشرعية في جهاز الشرطة العسكرية للنظام، ومقره العاصمة دمشق، كانت مهمته قبل الثورة تقتصر على تصوير الحوادث الجنائية المرتبطة بالجيش والمؤسسة العسكرية من جرائم قتل وغيرها، قبل أن تسند إليه مهمة الذهاب إلى المستشفيات العسكرية للنظام في العاصمة وتصوير جثث القتلى من المعتقلين لدى النظام.

تمكن “قيصر” من توثيق هذه الصور وتخزينها، وجمع حوالي 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل سوري قضوا تحت التعذيب، وذلك حتى منتصف 2013، وهو الموعد الذي قرر فيه “قيصر” الانشقاق عن المؤسسة العسكرية بالتعاون مع منظمات سورية ودولية، وبحوزته هذا الكم من الصور التي تشكّل أكبر دليل إدانة للنظام.

وساعدت شهادة “حفار القبور”، منظمات سورية وصحيفة “نيويورك تايمز”، على تحديد موقع مقبرتين جماعيتين قرب دمشق، من المرجح أنهما تضمان آلاف الجثامين لسوريين قتلوا داخل معتقلات يديرها النظام.

أثارت شهادة “حفار القبور” التي أدلى بها في الجلسة 31 الأخيرة بداية أيلول عام 2020، لمحاكمة مسؤولين سوريين على ارتكابهم جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية، في مدينة كوبلنز غرب ألمانيا، كثيرا من الصدمة داخل قاعة المحكمة، خاصة بعد حديثه عن أعداد الجثث وكيف تم تشويها بسبب التعذيب ووجود أطفال ونساء بينها.

ففي يومي 30 و31 من محاكمة أنور رسلان وإياد الغريب استدعت محكمة كوبلنز الشاهد للإدلاء بشهادته، حيث قال إنه تم تزويده بسيارة نوع “فان” لا تحمل أي أرقام وتم تزينها على جميع جهاتها بصورة رأس السلطة، بشار الأسد، كي تتمكن من التنقل من خلال حواجز التفتيش دون مساءلة.

وكان “حفار القبور” أدلى بشهادته، خلال جلسات محاكمة الضابط السابق في مخابرات النظام السوري أنور رسلان، وضابط الصف إياد الغريب، في ألمانيا.

الشاهد سرد للمحكمة معلومات عن كيفية تطويعه مِن قبل ضباط السلطة السورية لـ تشكيل مجموعة تتراوح بين عشرة إلى 15 شخصا مِن أجل نقل الجثث إلى المقابر الجماعية، وذلك أربع مرات في الأسبوع، حيث كان يعمل قبل بداية الثورة السورية في مجال دفن الموتى بمدينة دمشق.

كما تحدث عن جثث كانت تحمل بشاحنات مبردة تأتي من كل الأفرع الأمنية والمستشفيات العسكرية، وأخرى مدنية.

وأضاف، كانت القافلة التي تنقل الجثث تتكون في أغلب الأحيان من ثلاث برادات نقل، تحتوي نحو 300 جثة تسلك الطريق من مستشفى “تشرين العسكري” في حرستا بريف دمشق الشرقي، إلى مقبرتين جماعيتين كبيرتين في القطيفة شمال دمشق وفي نجها جنوب العاصمة.

وحدّد الشاهد المستشفيات التي تُنقل منها الجثث وهي “مستشفى حرستا وتشرين العسكريان، ومستشفى المواساة والمجتهد المدنيان”، وعن المشافي المدنيّة قال إن هناك مَن أخبره مِن داخل مشفى المجتهد أنهم “لا يقومون فقط باستقبال الجثث مِن الأفرع الأمنيّة، بل هناك عمليات قتل داخل المشفى أيضاً.

وأكد الشاهد، أن الجثث كانت تأتي من سجون مختلفة من مختلف الأجهزة السرية، بما في ذلك سجن الخطيب التابع لجهاز المخابرات العامة وسجن صيدنايا العسكري، وكانت تأتي عارية ومشوهة وعليها علامات زرقاء، وبعضها بلا أسنان ولا أظافر أو من غير جهاز تناسلي، والوجوه مشوهة كأنها سقيت بسائل حمضي لكي لا تعرف.

وشدد أن جميع الأفرع الأمنية كانت ترسل جثثها إلى هذين المكانين، ما عدا الجثث القادمة مِن “الفرقة الرابعة” (التابعة لـ ماهر الأسد)، حيث تدفن الجثث في مطار المزة العسكري تحت مدرّج الطيران، وفرع المخابرات الجوية التي تدفن الجثث داخل الفرع نفسه.

وبين عامي 2011 و2017 كان هذا عمل الشاهد، بحسب إفادته داخل المحكمة، ثم انتقل ليعمل مرافقا في مكتب ضابط لم يسمه، لتنظيم قوائم الموتى، والتي لا تحمل سوى اسم الفرع القادمة منه وأرقام دون أية أسماء.

ولفت إلى أنّ عدد الجثث خلال الأعوام الستة التي عمل فيها بلغ – وفق تقديره الشخصي، مليون إلى مليون ونصف المليون جثة، ثم أردف قائلا: “ربما 2 أو 3 أو حتى 4 مليون جثة، لا أدري لكن العدد كبير جدا”.

وذكر الشاهد حصة فروع أمن الدولة (فرع الأربعين والخطيب وإدارة المخابرات العامة) من الجثث، فقد بلغت – حسب تقدير الشاهد – 50 ألف جثّة مِن الشهر العاشر 2011 وحتى نهاية العام 2012،وأن العدد بعد ذلك أصبح يقدّر بنحو 25 ألف جثّة سنويّاً مِن أفرع أمن الدولة فقط.

وقال “حفار القبور” إن من الصور التي تأبى أن تغادر ذاكرته، جثة امرأة كانت أسفل ردمة الجثث التي كان ينقلها لدفنها بمقبرة جماعية في دمشق، فالمرأة كانت لا تزال تعانق طفلها الميت بين ذراعيها.

حددت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، موقع مقبرتين جماعيتين قرب دمشق، من المرجح أنهما تضمان آلاف الجثامين لسوريين قتلوا داخل معتقلات يديرها النظام السوري.

وقالت الصحيفة في تحقيق بالتعاون مع “رابطة معتقلي ومفقودي صيدنايا”، حول مواقع المقابر الجماعية في سوريا، إنه من المستحيل إحصاء عدد الجثث في المقابر الجماعية والتعرف عليها، دون نبش المقابر، الذي يعوقه وجود نظام الأسد واستمرار الدعم الروسي له.

ولفتت الصحيفة، إلى أن أهمية الكشف عن المقابر الجماعية تكمن بلفت الانتباه إلى الجرائم والانتهاكات في سوريا.

ودخل “قانون قيصر” حيز التنفيذ في 17 من يونيو 2020، إذ بدأت الولايات المتحدة في هذا اليوم بالإعلان عن أول حزمة من العقوبات الاقتصادية ضد النظام السوري وحلفائه والشركات والأفراد المرتبطين به، فيما ستتبعها على مراحل إجراءات عقابية أخرى يتضمّنها القانون.

شارك المقال على:
مقالات ذات صلة:

تقارير وتحقيقات

آخر الأخبار

مساحة نسوية

أرشيف الاتحاد