قدوم فصل الربيع من كل عام يأتي بالعديد من الأعياد والمناسبات القومية والدينية للعديد من الشعوب التي تقطن شمال وشرقي سوريا، وكل مكون فيها يتميز عن غيره بعادات الاحتفال ونمط الألبسة واشكالها، وغيرها من الطقوس الخاصة بكل قومية أو اثنية.
يحتفل الكرد في 21آذار براس السنة الكردية “نوروز”، وبداية كل نيسان/ ابريل، يحتفل السريان الآشوريون بأعياد “آكيتو”، والإيزيديين يحتفلون بـ “الأربعاء الأحمر”، فضلاً عن أن عيد الفطر السعيد أيضاً يصادف قدومه في هذا العام في فصل الربيع.
هذه المناسبات تعتبر فرصة للشباب/ات بشكل خاص لارتداء اللباس الفلكلوري، وإبراز أجمل الألوان التي تعبر عن ثقافة هذه الشعوب، كما أن الثياب الفلكلورية هي أحد أجمل الآثار المعبرة عن هوية شعب ما، يقول المصور الصحفي “رودي تحلو”.
وبدأ المصور “رودي” منذ فترة بمبادرة لتصوير الزي الفلكلوري للكرد تحت اسم “نحو نوروز مليء بالحب والجمال” يصور من خلالها أنماط متعددة من الزي الفلكلوري الكردي لمختلف المناطق في شمال وشرقي سوريا، وبدأها بالزي الكردي لاقتراب الاحتفالات بعيد “نوروز”.
وأضاف “تحلو” للاتحاد ميديا أن “المبادرة متكاملة من حيث تغطية اللباس الفلكلوري لشعوب المنطقة”، مشيراً إلى أن “المبادرة خاصة باللباس والأدوات الفلكلورية، وسأقوم بتوثيق وتصوير اللباس الفلكلوري السرياني الآشوري وكذلك الثياب الفلكلورية للإيزيديين والعرب والشركس وغيرهم من شعوب المنطقة”.
وأوضح المصور الصحفي أن رسالته من هذه المبادرة هي أن “التنوّع والاختلاف وإبراز القيم الثقافية لشعوب المنطقة تزيد من القواسم المشتركة بين أبناء الوطن الواحد وتبرز أجمل ما لدى الجميع”.
وحول دور هذه المبادرات في الحفاظ على قيم الحرية والسلام والانتصار على الظلم التي يمثلها عيد “نوروز” لفت “تحلو” إلى أن “إبراز جمال الفلكلور يحث الناس على التمسك بالقيم الجمالية والإيجابية لهذه الثياب الفلكلورية، ويساهم في منح قيمة أكبر للنوروز الذي يرمز إلى الحرية والتحرر من الطغيان”، مضيفاً أن “للثياب الفلكلورية الكردية مثلاً دلالات أبعد من مجرد أشياء يرتديها المرء، بل هي موغلة في التاريخ ومرتبطة بأسمى القيم الإنسانية”.
توثيق الإنسان
وعمل “رودي تحلو” في مبادرة أخرى حملت اسم “قصة شعب” صور خلالها وجوه رجال ونساء سكان من مختلف الانتماءات الدينية والقومية في شمال وشرقي سوريا.
وأبدى “تحلو” حول هذه المبادرة حبه “لمقاربة عمله الصحفي المرتبط بالتوثيق”، مشيراً إلى أن “الصور، بشكل عام، والمبادرات والمشاريع ذات القيم الثقافية تساهم في تقارب الشعوب بشكل كبير، وهي أبعد من مجرد صورة للذكرى”.
وأضاف “تحلو” بأنها تساهم في بناء الذاكرة الجمالية الجمعية لشعوب المنطقة كما تساهم في بناء هوية وطنية جامعة على المدى المتوسط والبعيد”.
وحول تأثير الحرب على المواضيع التي يختارها وأهدافها في تعزيز العلاقة بين المكونات” قال “تحلو” إن “الحرب أحدثت أموراً سلبية كثيرة وأذت الناس بجميع مكوناتهم، لكن أحد الجوانب الإيجابية هي الانتباه والاكتراث للغير، والوصول إلى حقيقة أنّ الجميع يستحقون حياة أفضل، وأنّ سنوات الظلم ومحاولات محو هويات شعوب المنطقة من قبل الأنظمة الدكتاتورية قد ولى وصار هناك شيء أجمل وأفضل”.