“شقيقك ليس هنا، إذاً البُستان لنا”.
بهذه العبارة منع فصيل الحمزات “سيدو” وهو أحد أهالي قرية كوكانه التابعة لناحية معبطلي بريف مدينة عفرين، من جني محصول الزّيتون في بستان شقيقه الذي يُقيم خارج مدينة عفرين المحتلة، بحجّة إلغاء الوكالات الشخصيّة.
قصّة سيدو هي واحدة من ألاف القصص التي تدور أحداثها بشكل يومي في مدينة عفرين المحتلة، المتعقلة نهب وسرقة محصول الزيتون لأهالي المدينة المقيمين في المدينة والمهجّرين منها، من قبل فصائل “الجيش الوطني السوري” التي تحتل المدينة الكردية مع تركيا.
كما الأعوام السابقة، تعرض موسم الزيتون في عفرين هذا العام أيضاً للسرقات والنهب تحت حجج مختلفة؛ إذ تستخدم تركيا الفصائل الموالية لها في عفرين لنهب مواسم المدنيين في كل عام لدعم اقتصادها المتهالك، وتجرى هذه الانتهاكات الجسيمة دون تدخل من المنظمات الدولية.
وفقاً لإحصائيات غير رسمية يتواجد في عفرين قرابة الـ 17 مليون شجرة زيتون في مساحة لا تتجاوز 3850 كم2. يتعرض موسم الزيتون منذ سيطرة تركيا على عفرين في مطلع عام 2018 للنهب من قبل فصائل الجيش الوطني الموالي لتركيا؛ ففي عام 2019، تحدثت منظمات حقوقيّة ووسائل إعلامية بأن زيتون عفرين تم بيعه في أسواق أسبانيا وأن الحكومة التركية ربحت ما يقارب 130 مليون دولار أمريكي منه.
النّهب “هديّة” في عرف الاحتلال
يقول مصدر محلّي من قرية كوكانه التّابعة لناحية معبطلي للاتحاد ميديا، إن: “فصيل الحمزات سرق 20 شجرة عائدة للمدني مصطفى سيد أبو حنان، والفصيل ذاته سرق محصول 70 شجرة زيتون عائدة للمدني جميل عمر”
اقرأ أيضاً: هيئة تحرير الشّام ترهن إدلب لليرة التّركية
ويُشير إلى أن متزعم فصيل الحمزات في القرية المدعو أبو السلطان يأخذ الزيت من الأهالي تحت اسم “هدية” ويضيف: “يأخذ أبو السلطان من كل عائلة صفيحة أو صفيحتين لزيت الزيتون يقول بأنه يجب أن يعتبروها كهدية، وبأنه لا يجب أن يخبروا أحداً”.
ويُشير الصحافي يوسف الأحمد “اسم مستعار” وهو نازح من الغوطة الشرقية ويقيم عفرين للاتحاد ميديا إلى أن: “السرقات لا بد منها، والموسم كان جيداً هذا العام، فقد تم تصدير الزيت إلى تركيا أيضاً. السرقات لا تنتسب إلى جهة واحدة، كافة الفصائل قامت بسرقة الزيتون”.
انتهاكات لا تُحصى!
يقول الناطق الرسمي لمنظمة حقوق الانسان عفرين-سوريا، إبراهيم شيخو، أيضا للاتحاد ميديا أن: “كافة الفصائل سرقت وتسرق موسم الزيتون هذا العام، وعلى وجه الخصوص في ناحية شيه/شيخ الحديد، حيث فرض فصيل العمشات الذي يقوده المدعو أبو عمشة نسبة 25% من إيرادات المعاصر من زيت، كما قام أبو عمشة بإلغاء الوكلاء ووضع أمامهم طريق واحد وهو دفع قدر من المال يبلغ ألف دولار لكل مالك”.
ويضيف شيخو: “المخاتير الذين تم تعيينهم من قبل أبو عمشة هددوا أهالي قرى شيخ الحديد في حال أدلوا بأي معلومات عن الانتهاكات للجنة رد المظالم التي شكلها الائتلاف”.
إلى ذلك أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان في وقت سابق بأن فصيل السلطان سليمان شاه المعروف بـ” العمشات” اقتحم خيمة عزاء في ناحية شيخ الحديد واعتدى على مواطنين بالضرب المبرح واعتقل العناصر 5 مواطنين آخرين عقاباً لهم على تقديم شكوى ضد الفصيل لدى لجنة رد المظالم، حيث قدم أهالي ناحية شيخ الحديد شكوى لدى للجنة لاسترجاع 300 صفيحة زيت زيتون مسروقة من قبل الفصيل.
ويُشير الناطق الرسمي لمنظمة حقوق الإنسان للاتحاد ميديا إلى أن: “السلطان مراد وصقور الشمال استولوا على 100 ألف شجرة زيتون عائدة للمدنيين في ناحية بلبل بريف عفرين بحجة أنها غنائم الحرب أو أنها عائدة للإدارة الذاتية أو تحت مسميات أخرى”.
ويبيّن شيخو أن: “تركيا فتحت معبراً من قرية حمام يوصل عفرين بولاية هاتاي التركية، وحصلت في العام الماضي على آلاف صفيحات الزيت وأرسلتها إلى أوروبا على أنها منتج تركي. في العام المنصرم عقد مسؤولون أتراك اجتماعا في ولاية انطاليا التركية وقالوا فيه بأنهم سيرسلون 100 ألف طن من زيت زيتون عفرين إلى أمريكا وأوروبا”.
وحول ما يجري في ناحية شيخ الحديد يوضّح مصدر محلي من المنطقة (رفض الكشف عن اسمه لضرورات أمنية) للاتحاد ميديا بأن: “أبو عمشة فرض أتاوى قدرها 4 دولار لكل شجرة زيتون، وهذا ما قد يجعل المدنيين يخسرون في الموسم في ظل التكاليف الكبيرة الأخرى التي يدفعها المزارعون”.
ونشرت صحيفة “ديلي بيست” الأمريكية العام المنصرم تحقيقاً تحدثت فيه عن سرقة زيت الزيتون من قبل المجموعات المسلحة التابعة لتركيا من عفرين، مشيرة إلى أنه يتم نقل هذا الزيت من عفرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية عبر تركيا. كما أن مسؤولون اتراك صرحوا في وقتٍ سابق بأنهم استولوا على زيت الزيتون في عفرين “كي لا تستطيع المجموعات الإرهابية الاستفادة منه” في إشارة إلى قوات سوريا الديمقراطية.
مدنيون معتقلون بسبب “الشكوى”
ويقول مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، للاتحاد ميديا، أن: “الفصائل الموالية لتركيا تستمر بارتكاب الانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين في عفرين، يجري ذلك من خلال التعدي والسيطرة على ممتلكاتهم، بالإضافة الى فرض إتاوات على المزارعين في منطقة (غصن الزيتون)، مثلاً، عمد فصيل الجبهة الشامية المسيطر على قرية قرزيحل بناحية شيراوا إلى فرض إتاوة تقدر بـ 100 دولار أمريكي على كل مزارع تحت بند الحماية”.
ويضيف عبد الرحمن: “وفي قرية كمروك بناحية موباتا/معبطلي، فرض فصيل “صقور الشمال” المسيطر على القرية إتاوات على المزارعين تقدر بـ 10 % من محصول الزيتون و35 % على معاصر الزيتون، وكل من يخالف القرار يهدد بالاعتقال بتهمة التعامل مع “الإدارة الذاتية”.
“ردّ المظالم”
وفي تصريح حصري للاتحاد ميديا، قال الناطق باسم “الجيش الوطني” الموالي لتركيا، يوسف الحمود أن: “شهادتي في هذا الموضوع قد تكون مجروحة، هناك رؤساء مجالس في كافة نواحي عفرين يمكن التواصل معهم. نحن من جهتنا يمكننا أن نتحدث عن فاعلية لجنة رد المظالم، حيث استطاعت هذه اللجنة إعادة الحقوق للكثير من المدنيين، يمكنكم التوصل مع المجلس لأنه يمكن أن أدعم باتجاه الفصائل العسكرية المتواجدة في المنطقة”.
ولم يُجب “الحمود” على سؤال متعلّق بتمرير محصول الزيتون إلى تركيا، رغم المعلومات الموجودة والموثّقة حول التعاون بين الفصائل المسلحة والاحتلال التركي في عمليات نهب محصول الزيتون ونقله إلى تركيا.
ومنذ احتلال عفرين عام 2018، ارتكبت فصائل “الجيش الوطني” آلاف الانتهاكات بحق السكان الأصليين للمدينة، وتشمل هذه الانتهاكات التي ترتكب بتوجيه تركي الاعتقال والخطف والسرقة ونهب المحصايل والاستيلاء على ممتلكات المدنيين وتهجير السكان والقتل على الهوية.