بينما تتقاتل الفصائل الموالية لتركيا، في المناطق المحتلة، ويستمر سلسلة الفشل بين الائتلاف السوري والنظام السوري في التوصل لحل الأزمة السورية خلال محادثاتهم سواء كانت في جنيف أو استانا، تتزايد الجهود الدبلوماسية في الطرف الآخر لمجلس سوريا الديمقراطية في عقد مؤتمر عام والاعلان عن منصة معارضة جديدة، قد تكون بديلة للإئتلاف السوري المعارض.
“عانينا من الأقصاء سواء كان من المعارضة أو النظام ونرغب الآن في تجميع القوى المعارضة للوصول حل سياسي يحدد شكل الدولة السورية”، بهذه الكلمات رد الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية عن سؤال للاتحاد ميديا فيما يخص نية المجلس تشكيل منصة معارضة جديدة.
ويواجه مجلس سوريا الديمقراطية اقصاءً من كافة اللقاءات الخاصة بحل الأزمة السورية، لاعتبارات عدة أهمها الفيتو التركي.
وتعمل مسد منذ أعوام لتغيير الصورة القائمة باتخاذ خطوات سواء من خلال مؤتمرات داخلية وخارجية عقدها على مدار السنوات الأربع الماضية، أو من خلال تحركات دبلوماسية في الدول الفاعلة في الأزمة السورية، أو من خلال تفاهمات مع أطراف معارضة.
مؤتمرات داخل سوريا وورشات حوارية في أوربا لتشكيل منصة معارضة
في عام 2018 عقد مجلس سوريا الديمقراطية مؤتمرين في عين عيسى، وتبعه مؤتمر آخر في مدينة كوباني بشمال شرقي سوريا، بهدف التحضير لمؤتمر عام تحت اسم “مؤتمر قوى وشخصيات المعارضة الديمقراطية”، الإجتماعات ووفقاً للرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية حضرها آنذاك عدد كبير من معارضة الداخل.
اقرأ أيضاً: فالج لا تعالج… فيما يخص الإئتلاف وحركاته الانقلابية والتصحيحية!
فيما لم يحضر الاجتماعات شخصيات من معارضة الخارج بسبب عدم قدرتهم لدخول الأراضي السورية ولاعتبارات أخرى وفق ما قاله رياض درار.
وفي استمرارية لعقد اللقاءات الهادفة لعقد مؤتمر عام عقد المجلس لقاءات تشاورية في أوربا مع الشخصيات التي لم تستطع حضور اجتماعات الداخل وآخر تلك اللقاءات اللقاء التشاوري في العاصمة السويدية ستوكهولم في نيسان/ أبريل من العام الحالي.
وتهدف هذه الاجتماعات وفقاً للرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية لتشكيل منصة معارضة يكونون فيها جزءً منها وقال درار “عانينا من الإقصاء سواء كان من المعارضة أو من النظام، هناك طرفان هما الائتلاف السوري والذي يسيطر عليه تننظيم الأخوان والطرف الآخر هو النظام السوري والمستقلين يتبعون لهاتين الجهتين عبر ما يسمى المجلس المدني ونحن نرغب في تجميع القوى المعارضة لنتوصل لحل سياسي يحدد شكل الدولة السورية”.
ويرى درار أن النظام والائتلاف السوري فشلا في التوصل لحل سياسي، وقال “المحادثات الخاصة بحل الأزمة السورية، في الوقت الحالي أصبحت هي التي بحاجة إلى حل سواء في جنيف أو استانا”.
وأكد درار أنهم يسعون من خلال هذه المنصة للحصول على دعم من القوى المؤثرة على الأرض السورية كدول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وقال درار “دول أوروبا وامريكيا في الوقت الحالي يرغبون بحل سياسي بعيداً عن المواجهات العسكرية لتغيير سياسات النظام وليس للإطاحة به ونحن نعمل حالياً في هذا الإطار”.
تحركات دبلوماسية على الصعيد الخارجي
وصاحبت اللقاءات التي يعقدها مجلس سوريا الديمقراطية خلال الفترة الماضية تحركات دبلوماسية على الصعيد الخارجي في بلدان مختلفة مهتمة في الشأن السوري.
وأجرى وفود من مجلس سوريا الديمقراطية لقاءات مع عدد من الدول، في واشنطن وموسكو وبروكسل وستوكهولم وفق ما قاله سيهانوك ديبو عضو رئاسة مجلس سوريا الديمقراطية للاتحاد ميديا.
وقال سيهانوك ديبو: “نؤكد خلال جميع تحركاتنا الدبلومسية أنه لا حل بدون مجلس سوريا الديمقراطية”.
وأشار أنهم يولون في الوقت الحالي الاهتمام الكبير لان تكون هناك زيارات منظمة إلى البدان العربية، وعن الهدف من زيارة البلدان العربية قال “لنبين لهم ان اقصاء وتغييب مسد يؤدي إلى تأجيل الحل للأزمة السورية وتكريس واقع التدخلات والاحتلالات وخاصة الاحتلال التركي، واستمرار جرائم الحرب ضد الانسانية في مقدمتها التهجير والتغيير الديمغرافي، وبالطبع نؤكد دائماً استعدادنا لحل توافقي لانطلاقة قويمة للجمهورية السورية الثالثة”، وفق تعبيره.
وإلى جانب لقاءات وفود مجلس سوريا الديمقراطية بمسؤولين في بلدان مختلفة عززت مسد تحركاتها الدبلوماسية خلال الفترة المنصرمة للتوصل لتفاهمات مع منصات من المعارضة ومع أحزاب سياسية معارضة أيضاً سواء تلك الاتفاقات واللقاءات التي ساهمت بها مسد بشكل مباشر أو من خلال الأحزاب المنضوية تحت سقفها.
وثيقة تفاهم بين مسد وحزب الإرادة الشعبية ومحاولة للتفاهم مع منصات أخرى
ومن بين تلك التفاهمات وثيقة التفاهم مع حزب الإرادة الشعبية في آب عام 2020، واعتبر سيهانوك ديبوا تلك الوثيقة خطوة مهمة لجهود توحيد المعارضة وقال أن هذه التفاهمات تهدف لتوحيد المواقف حيال الطرق التي من شأنها أن تتجه بسوريا لحل مستدام لأزمتها.
وأضاف “كانت هناك محاولات شتى على هذا الصعيد بالنسبة لمنصة القاهرة أيضاً وشخصيات أخرى خارج المنصات كلها، ونحن منفتحون مع كافة المنصات والشخصيات التي تؤمن بحل مستدام للأزمة السورية، وفق القرار الأممي 2254 والانتقال من نظام المركزية الشديدة إلى نظام اللامركزية”.
وإلى جانب هذه التفاهمات واللقاءات التي أجراها مسد، أجرت أحزاب سياسية منضوية تحت سقف مجلس سوريا الديمقراطية تفاهمات مع أحزاب معارضة تعمل تحت مظلة الائتلاف المعارض.
وثيقة تفاهم بين حزب الاتحاد السرياني والمنظمة الآثورية الديمقراطية
ففي الأول من نيسان من العام الحالي وقع حزب الاتحاد السرياني وهي من أحزاب الإدارة الذاتية وثيقة تفاهم مع المنظمة الآثورية الديمقراطية التي تعمل تحت مظلة الائتلاف السوري المعارض، وقال عن هذا التفاهم الرئيس المشترك لحزب الاتحاد السرياني سنحريب برصوم للاتحاد ميديا أنها “تمثل خطوة مهمة وفي مرحلة مهمة من سوريا وندرك تماما اهمية هذا التوافق في اخذ دور في الاستحقاقات القادمة بما يخص مصير مستقبل سوريا وسنسعى ايضا لتطوير هذه العلاقة نحو تشكيل مظلة اوسع تمثل عموم شعبنا”.
واضاف “نرغب في الذهاب الى ابعد من ذلك من اجل تمثيل ايجابي لشعبنا وخدمة لاهدافه وضمان كامل حقوقه وتحقيق الانتقال الديمقراطي في سوريا وطن للجميع من دون استبداد وارهاب”.
وكان نائب المبعوث الأمريكي إلى سوريا ماتيو بيرث قد التقى في وقت سابق من شهر أبريل الحالي وفدي الاتحاد السرياني والمنظمة الآثورية الديمقراطية، وكان سنحريب برصوم قد أكد في وقت سابق أن الولايات المتحدة تدعم وثيقة التفاهم هذه.
المحادثات الكردية- الكردية
وسبق هذه التفاهمات محادثات بين الأحزاب الكردية- الكردية المتمثلة بأحزاب الوحدة الوطنية الكردية والتي تعمل تحت مظلة الإدارة الذاتية من جهة والمجلس الوطني الكردي الذي يعمل تحت مظلة اللائتلاف من جهة أخرى، وقال سيهانوك ديبو عن هذه المحادثات “نؤكد أننا ندعم أي حوار يصب في حانة الحوارات الوطنية السورية، وفي مقدمتها الحوار الكردي الذي قطع شوطان مهمان حتى اللحظة وينتظر منه أن يتمم هذه النقطة لنكون أمام نقطة لترتيب البيت الكردي وتوجيه المصلحة الكردية ضمن المصلحة الوطنية السورية، ونؤكد أن الحوار الكردي جزء من الحوار السوري وأي حوار بالتأكيد سيكون معززاً لمرحلة جديدة واستراتيجيات أكثر تأثيراً لحل الأزمة السورية”.
يشار إلى أن المباحثات الكردية- الكردية كانت قد انطلقت في أبريل نيسان من عام 2020 برعاية أمريكية.
عوامل يستفيد منها مجلس سوريا الديمقراطية
وفي ظل التحركات الدبلوماسية لمجلس سوريا الديمقراطية، تشهد المناطق التي تحتلها تركيا اضطرابات نتيجة الاقتتال بين الفصائل الموالية لتركيا بالإضافة إلى ما تشهده ما تسمى بالمعارضة السورية من شرخ في الفترة الأخيرة.
ويقول في هذا الصدد الكاتب السوري محمد محمود بشار أن الائتلاف يُعتبر المظلة السياسية للفصائل المسلحة السورية التي تعمل تحت اسم المعارضة، وأن أي انقسام داخل الائتلاف سيؤثر بشكل مباشر على طبيعة العلاقة القائمة بين تلك الفصائل المتناحرة فيما بينها.
وأضاف “الآن تشظى الائتلاف بشكل علني، حيث كان منقسما في الفترات السابقة ايضاً و لكن بشكل غير علني”.
ويرى الكاتب السوري محمد بشار أن هذا الانشقاق سيدفع الدول التي كانت تدعم الائتلاف إلى التقليل من هذا الدعم و البحث عن أطراف أخرى تكون أكثر فاعلية و تنظيما على الأرض داخل سوريا.
وأكد بهذا الصدد أن مجلس سوريا الديمقراطية يتمتع بميزة وضوح مشروعه منذ بداية تأسيسه، وقال ” يتحرك المجلس الآن ليكون صوتاً لكل أطياف المجتمع السوري، و اللقاءات التي تتم بين مسد و شخصيات بارزة و معروفة من المعارضة السورية ربما ستفضي إلى نتيجة لتشكيل منصة جديدة للمعارضة السورية تكون رؤيتها عملية و واقعية أكثر، لأن مسد موجودة على الأرض و لها مؤسساتها الادارية المؤثر”ة.
من جهته قال أكرم محشوش نائب الأمين العام لحزب المحافظين الذي يعمل تحت مظلة مسد للاتحاد ميديا أن تحركات مجلس سوريا الديمقراطية جاءت في ظل فشل المعارضات الأخرى وتباعد الرؤى سواء الائتلاف أو المنصات المختلفة الأخرى وفق تعبيره.
وقال أن هناك نقاشات مع المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون حول إشراك مسد في اللجنة الدستورية وأن نتائجها لم تعلن بعد، وقال أيضاً أن هناك رؤى روسية أيضاً لضرورة إشراك شمال شرق سوريا في محادثات اللجنة الدستورية التي عقدت على مراحل”.
وشدد أكرم أن الأمور حالياً تبدو أفضل مما سبق وخصوصاً للتحرك لاعلان عن منصة معارضة جديدة قد تكون سبباً في حل الأزمة السورية.
عوامل تعرقل مشروع مسد
ومع هذه الأمور التي تعزز فرص نجاح مسد في تشكيل منصة جديدة تمثل المعارضة السورية، والمشاركة في العملية السياسية، هناك عوامل تعرقل جهودها، أبزرها الأزمة التي تشهدها العالم نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا وانشغال الأطراف الدولية المؤثرة في الأزمة السورية بالأزمة الأوكرانية، واستغلال تركيا لهذه الظروف للحصول على مكاسب في منطقة شمال وشرق سوريا وفق ما صرحت به الاعلامية هديل عويس والتي تعمل في واشنطن.
وقالت هديل عويس للاتحاد ميديا والتي غالباً ما تجري لقاءات مع مسؤولين أمريكيين، “الحرب في أوكرانيا تؤثر على سوريا لأن أهم لاعب في الحرب هي روسيا واهم لاعب خارجي والتي تدعم أوكرانييا هي امريكا هذا أثر على شمال شرق سوريا، تركيا تحاول ان تستغل انشغال امريكا بهذا الملف، وهو ما يتوضح من خلال تصعيد تركيا في شمال شرق سوريا ومحاولاتها لقضم مناطق جديدة “.
وقالت أيضاً الاعلامية هديل عويس أن نشاطات واشنطن تجاه الملف السوري لن تتطور في الشق السياسي لانشغال واشنطن بالملف الاوكراني تزامناً محاولات تركيا التقارب مع الجانب الامريكي.
وقالت في الختام “الولايات المتحدة اليوم لا ترغب في أن يكون هناك اعادة تعزيز الشرخ مع تركيا، لأن إدارة بايدن ترغب في التأكيد أن الناتو لا يعاني من شرخ كما تدعي روسيا”، وأن تركيا قد تستفيد من هذا الأمر.
واتفقت آراء الذين التقى معهم الاتحاد ميديا على المساع الحثيثة لمسد للاعلان عن منصة جديدة، وخصوصاً في ظل الخلافات التي شهدها مؤخراً الائتلاف السوري، وفيما تؤكد كافة وجهات النظر عن خطو مسد لخطوات هامة نحو المشاركة في العملية السياسية، يبقى ملف التهديدات التركية العائق الأكبر أمام نجاحها إضافة لتقلص الدور الأمريكي بعد الأزمة الأوكرانية.