ريف ديرالزور.. من عمليات داعش العشوائية لـ “غزوة الثأر” استهدافات متواصلة وخطرٌ أكبر في الفترة القادمة

يفرضون الضرائب على السكان بقوة السلاح، ويستهدفون باستمرار نقاط التفتيش والحواجز الأمنية.. هكذا يصف أحد السكان في ريف ديرالزور وضع منطقته التي تشهد نشاطاً مكثفاً لخلايا داعش.

فيما يقول أحد وجهاء منطقة الشحيل والذي تعرض لمحاولات اغتيال متكررة أن خلايا داعش تستهدف كل من يعمل ضمن مؤسسات الإدارة الذاتية.

تمكنت قوات سوريا الديمقراطية من إنهاء تنظيم داعش عسكرياً بتاريخ 23 من شهر مارس عام ٢٠١٩خلال حملة اطلقتها بدعم من التحالف الدولي بداية عام 2019 في ريف دير الزور والتي انتهت بتحرير آخر معاقل التنظيم في منطقة الباغوز في الريف الشمالي الشرقي.

بعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على كامل الريف في شرق نهر الفرات بدير الزور، انشأت مباشرة مجالس مدنية لإدارة شؤون المنطقة.

لكن العمل داخل هذه المؤسسات دائماً ما كان موضع خطر وفقاً للعديد من الشهادات من العاملين في القطاع الخدمي كون تنظيم داعش تحول إلى استخدام الخلايا بعد خسارته لجغرافية المنطقة. وبدأ بتنفيذ اغتيالات لكل شخص يعمل مع الإدارة الذاتية أو حتى يرفض في بعض الأحيان دفع الأموال لهذه الخلايا وفق تعبيرهم.

داعش يهدد كل من يعمل مع الإدارة الذاتية

حمود النوفل من وجهاء منطقة الشحيل تعرض في خمس مرات لمحاولات اغتيال وفق تصريح له للاتحاد ميديا، ويعتبر النوفل من القليلين الذين التقوا معه الاتحاد ميديا ولم يكن له مشكلة في أن ينشر التصريح باسمه خوفاً من الخلايا النشطة.

وقال النوفل “لازلت اتلقى التهديدات، فبتاريخ الخامس عشر من شهر نيسان زرعوا قنبلة ناسفة بالقرب من بيتي، وعلى طريقي أيضاً أثناء توجهي إلى الدوام هم يرصدون تحركات في محاولة لاستهدافي”.

اقرأ أيضاً: إعلانات طرقيّة لبيع الكُلى في سوريا

وأضاف “هذه ليست المرة الأولى فقد سبق هذه المحاولة محاولات أخرى وفي معظم المرات اقتصرت الأضرار على المادية”.

وأشار “أكثر الاستهدافات التي تجرى تستهدف العاملين مع الإدارة الذاتية ووجهاء وشيوخ من العشائر العربية بهدف الترهيب ومنع السكان من الانضمام للإدارة الذاتية والقوات العسكرية”.

ويقول أحد العاملين في المجال التربوي بمنطقة الشحيل في ريف ديرالزور الشرقي وفضل عدم استخدام اسمه لدواعٍ أمنية أن “داعش يتبع اساليب عدة لترويع الاهالي، منها القاء الكفن وكتابة اسم الشخص المراد استهدافه أمام منزله”.

وأضاف “لا يستهدفون فقط العسكريين، بل حتى العاملين في السلك التعليمي وفي مجال الخدمات من أعضاء بلدية الشعب، هم يستهدفون جميع العاملين مع مؤسسات الإدارة المدنية”.

نشاط خلايا داعش “يعرقل عمل الإدارة المدنية”

ويعرقل نشاط خلايا داعش المستمر في المنطقة عمل المؤسسات ضمن المنطقة ويخشى عدد كبير من السكان من الإنخراط في هذه المؤسسات وفق رئيس مجلس ديرالزور المدني.

وقال محمد رجب رئيس مجلس ديرالزور المدني في تصريح للاتحاد ميديا “بعد القضاء على داعش من قبل قوات سوريا الديمقراطية اقتصر وجودها على خلايا تعمل كمجموعات او ما يسمى ذئاب منفردة” وفق تعبيره.

وأكد أن عمليات خلايا داعش القت بظلالها على العملية الادارية “بسبب عزوف شريحة واسعة من النخب خوفا من انتقام التنظيم، مما سبب نوع من عدم الكفاءة الادارية ما أدى لتقدم خجول في القطاع الاوسط، بسبب نشاطه في تلك المنطقة، وعزوف قسم من المنظمات عن العمل هناك” وفق وصفه.

وعلى الرغم من عمليات الاستهداف إلا أن محمد رجب أكد أن السنوات الثلاث الاخيرة من عمر الادارة شهدت اقبالا من كافة الشرائح المجتمعية للعمل

صاحب محل أغذية يروي قصة تلقيه لتهديد من خلايا داعش

الاستهدافات والتهديدات لا تطال فقط العاملون مع الإدارة الذاتية، مصدر أكد أن التهديدات تطال أشخاصاً لم ينخرطوا في عمل تابع للإدارة الذاتية أو انخرطوا ضمن صفوف مجالس قوات سوريا الديمقراطية.

محمد رمضان “اسم مستعار” وهو من سكان ريف ديرالزور الشرقي، قال أن التهديدات لا تطال فقط العاملين في مؤسسات تابعة للإدارة الذاتية بل تطال أيضاً أشخاصاً رفضوا دفع الأموال لخلايا داعش تحت اسم “الزكاة”.

رمضان هو من الأشخاص الذين تعرضوا للتهديد من قبل خلايا داعش، في أواخر عام 2020 إذ اشار أنه تلقى رسالة من خلايا التنظيم عبر تطبيق الواتس آب.

وفضل عدم استخدام اسمه لدواعٍ أمنية بسبب خوفه على حياته وعلى حياة أفراد عائلته بحسب وصفه.

وقال أن التنظيم وضع أمامه خيارين أما دفع الزكاة أو الموت، وأشارت الرسالة وفق رمضان إلى أن “طريقة التسليم ستُحدد لاحقاً”. مع العلم أن المذكور لا يعمل في مؤسسات الإدارة الذاتية بل يملك أحد محال المواد الغذائية.

وفي ختام حديثه قال ” يفرضون الضرائب على السكان بقوة السلاح، ويستهدفون باستمرار نقاط التفتيش والحواجز الأمنية”.

الاستهدافات تطال رموز من العشائر العربية

ولم تتوقف مسيرة الاستهدافات أو الاغتيالات عند هذا الحد فحسب بل طالت أيضاً شيوخ ووجهاء من عشائر عربية وفق ما صرح به أحد الناشط الإعلامي من ريف ديرالزور عبد الرحمن علي للاتحاد ميديا.

ووفقاً للناشط فأن عمليات الاستهداف تطال شيوخ ووجهاء من عشائر عربية، وقال “هذه العمليات تهدف لبث الفتنة في المنطقة، واتهام قوات سوريا الديمقراطية بهذه الاستهدفات وتحريض الأهالي ضد قوات سوريا الديمقراطية”.

وأضاف الناشط الإعلامي “كما تهدف هذه العمليات لمنع الشيوخ من مساندة قوات سوريا الديمقراطية بالإضافة لمنعهم من انضمام ابناء العشائر للقوات وخاصة بعد انضمام الكثيرين لقسد”.

وقال وجيه عشيرة الشرابين ثابت الجوهر للاتحاد ميديا أن استهداف رموز من العشائر العربية من قبل الخلايا النشطة في ريف ديرالزور هو نتيجة “الموقف المشرف للعشائر إلى جانب مؤسسات الإدارة الذاتية وقواتها العسكرية، بالإضافة لدعمهم للمشروع السياسي لمجلس سوريا الديمقراطية إلى جانب ابنائهم في قسد”.

خلايا داعش تتبع مبدأ “الترهيب الالكتروني”

ويقول أيضاً الناشط من ريف ديرالزور عبد الرحمن علي أن خلايا داعش تتبع أساليب عدة بعد خساراتها للجغرافية أبرزها “الترهيب الالكتروني” وفق تعبيره.

وأضاف “يهدد داعش أبناء المنطقة من خلال صفحات انشأتها خلاياها، وأبناء المنطقة يتابعون تلك الصفحات، منهم من يرون اساميهم، أو اسماء أقاربهم، هذا الأمر يسبب خوفاً لدى السكان على الرغم من عدم تنفيذ جميع التهديدات”.

وتتبع لتنظيم داعش العديد من المؤسسات الإعلامية أبرزها مؤسسة الفرقان، مؤسسة الاعتصام ومركز الحياة ومؤسسة أعماق والعشرات من المؤسسات الأخرى التي تنشر العشرات من العمليات التي ينفذها عناصر التنظيم حول العالم.

كما يمتلك خلايا داعش في مناطق ريف ديرالزور العشرات من الصفحات النشطة على منصات الفيسبوك وتيلجرام لاطلاق تهديدات لسكان المنطقة والدعوة لـ “جمع الاتاوات”.

قيادي عسكري يوضح سبب نشاط خلايا داعش بريف ديرالزور

وفي ظل هذه الاستهدافات المتكررة يبقى السؤال الذي يطرح نفسه ماهي العوامل التي تدفع لاستمرار هذا النشاط في ريف ديرالزور في ظل انخفاض وتيرة عمليات خلايا داعش في باقي مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية؟

أبو ليث خشام قيادي في مجلس ديرالزور العسكري تحدث للاتحاد ميديا عن اسباب نشاط الخلايا في ريف ديرالزور بالتحديد وقال “من أبرز الأسباب هي حاضنة داعش، هناك انتشار واسع لهذه الخلايا في قرى محددة، وأغلب هؤلاء هم من أبناء ديرالزور ويعرفون المنطقة بشكل كبير”.

ومن الأسباب الأخرى لنشاط هذه الخلايا وفق أبو ليث هو بقاء داعش لفترة طويلة ضمن منطقة ديرالزور، والتي نشرت أفكارها بشكل واسع ضمن شريحة كبيرة من أبناء المنطقة”.

كما اعتبر الخشام أن خروج بعض العائلات السورية من مخيم الهول بوساطة عشائرية شكل خطراً وقال “الخارجين من مخيم الهول هم أبناء التنظيم والأفراج عنهم هو إعادة نشاط داعش وهناك الكثير من الأدلة على ذلك”.

وقال أيضاً أن من الأسباب التي تجعل من القضاء على خلايا داعش في ريف ديرالزور أمراً صعباً هي المعابر النهرية مع مناطق النظام السوري والميليشيات الإيرانية التي تسهل عملية تحرك الخلايا وفق خشام.

انخفاض عمليات خلايا داعش وخطر أكبر في الفترة القادمة

وعلى الرغم مما تشهده المنطقة إلا ان نشطاء من ريف ديرالزور أكدوا ان عمليات خلايا داعش انخفضت وتيرتها منذ نهاية العام الماضي وخلال العام الحالي.

وكان مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية فرهاد شامي قد قال في وقت سابق أن تحركات الخلايا النائمة الموالية لداعش كانت مؤخراً عشوائية انتهت معظمها بالفشل، أو جرى اعتقالهم بعمليات استباقية خلال حملات التمشيط.

وأشار ان مقتل واعتقال الكثيرين من المهاجمين على سجن الصناعة وفرَّ لقوات سوريا الديمقراطية الكثير من المعلومات ومعرفة بنك تحركات التنظيم.

وقالت من جهته آرام حنا المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية للاتحاد ميديا أنه بعد الأحداث التي جرت في سجن الصناعة ضبطت قواتهم أفراد من الخلايا التي كانت تخطط لعمليات مشابهة.

ورغم الحديث عن انخفاض وتيرة تحركات داعش، قال القيادي في مجلس ديرالزور العسكري أبو ليث خشام أن الكلمة التي اطلقها الناطق باسم داعش مؤخراً لعمليات ما أسموها بالثأر للشيخين سيسفر عن أعمال قوية لداعش وازدياد نشاطها مجدداً.

وأكد أن أطراف عدة ستستغل هذه التهديدات لتنفذ عمليات استخباراتية ضمن المنطقة ومن بين هذه الأطراف وفق خشام عناصر النظام والميليشيات الإيرانية والاستخبارات التركية.

وظهرت مؤخراً بوادر ازدياد نشاط خلايا داعش بالفعل إذ تبنى تنظيم داعش بتاريخ الثامن عشر من شهر نيسان، عبر صفحاتها الالكترونية قتل مدني بحجة التعاون مع قوات سوريا الديمقراطية، في بلدة البصيرة شرقي دير الزور.

وكان تنظيم داعش قد هدد عبر تسجيل صوتي للمتحدث الرسمي للتنظيم المدعو أبي عمر المهاجر وهو يتوعد برسائل ثأر تحت مسمى “غزوة الثأر للشيخين” وحملت عنوان “قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم”.

وكان الجيش الأميركي استهدف في عملية إنزال جوي في الثاني من شهر شباط/ فبراير من العام الحالي، منزلًا في قرية أطمة بريف إدلب الشمالي، نتج عنها مقتل زعيم “داعش” عبدالله قرداش وأبو حمزة القرشي.

وتؤكد قوات سوريا الديمقراطية ومجالسها العسكرية أن التنظيم لا يزال يشكل خطراً على المنطقة، ودعت في أكثر من مرة لزيادة التنسيق مع قوات التحالف الدولي وهو ما أكده القيادي في مجلس ديرالزور العسكري أبو ليث الخشام.

وأكد أبو ليث في ختام حديثه أنه سيكون هنالك دعم أقوى في الفترة المقبلة من قبل التحالف الدولي خصوصاً بعد اجتماع مسؤولين امريكيين مع القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي.

شارك المقال على:
مقالات ذات صلة:

تقارير وتحقيقات

آخر الأخبار

مساحة نسوية

أرشيف الاتحاد